الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٥٢
على وسائلنا المحدودة للملاحظة، ولا تزال قضية الحقيقة في عالم العلم قضية عملية نفعية Pragmatic Affair (1) * * * ولا يزال العلماء بعد هذا يعتبرون ان الفرض الذي يفسر ملاحظاتهم لا يقل في قيمته عن الحقيقة الملحوظة نفسها، فهم لا يستطيعون ان يقولوا: ان الحقائق الملحوظة هي وحدها العلم، وان ما سواها من النظريات الشارحة لا تدخل في نطاق (العلم)، لأنها غير ملحوظة.. والحق ان هذا هو ما نسميه الايمان بالغيب، وهو بالنسبة إلى المؤمنين ليس سوى الايمان بحقائق غير ملحوظة، فهو ليس بعقيدة عمياء، وانما هو خير تفسير للحقائق التي يشاهدها العلماء..
* * * وكما رفض العلماء نظرية الضوء التي قدمها نيوتن وتعرف باسم Corpuscular Theory of Light لأنها لم تنجح في تفسير مظاهر حديثة للضوء، فإننا نرفض أفكار الفلاسفة الملحدين، لأنها فشلت في تفسير مظاهر الطبيعة.
ان مأخذ حقائق الدين هو نفس المأخذ الذي يستقي منه العلم الحديث ملاحظاته، لكي يثبت نظرية علمية. ولقد انتهينا بعد دراسة الحقائق الملحوظة إلى أن تفسير الدين للطبيعة هو عين الحق حتى أن هذا التفسير لم يتغير ولن يتغير على مر الدهور، على حين ان كل نظرية صاغها الانسان منذ قرن أو أكثر أو أقل قد رفضت أو أصبحت موضع شك الآن، وان صدق الدين ليتجلى بعد كل خطوة نخطوها في الملاحظة حتى ليصبح كل كشف علمي جديد تصديقا لحقائق الدين!
ولسوف نطالع أفكار الدين من هذه الناحية في الأبواب التالية.
* * *

(1) J. W. N. Sullivan, Limitations of Science, p. 158.
(٥٢)
مفاتيح البحث: التصديق (1)، الرفض (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»