الإسلام يتحدى - وحيد الدين خان - الصفحة ٤٧
ويقول البروفسور ا. ي. ماندير:
ان الحقائق التي نتعرفها مباشرة تسمى الحقائق المحسوسة Percieved Facts بيد ان الحقائق التي توصلنا إلى معرفتها لا تنحصر في الحقائق المحسوسة، فهناك حقائق أخرى كثيرة لم نتعرف عليها مباشرة، ولكننا عثرنا عليها على كل حال، ووسيلتنا في هذه السبيل هي الاستنباط، فهذا النوع من الحقائق هو ما نسميه بالحقائق المستنبطة Inferred Facts والاهم هنا ان نفهم انه لا فرق بين الحقيقتين، وانما الفرق هو في التسمية،. من حيث تعرفنا على الأولى مباشرة، وعلى الثانية بالواسطة، والحقيقة دائما هي الحقيقة، سواء عرفناها بالملاحظة أو بالاستنباط (1) ويضيف ماندير قائلا:
ان حقائق الكون لا تدرك الحواس منها غير القليل، فكيف يمكن ان نعرف شيئا عن الكثير الآخر؟.. هناك وسيلة وهي الاستنباط أو التعليل، وكلاهما طريق فكري، نبتدئ به بوساطة حقائق معلومة، حتى ننتهي بنظرية: ان الشيء الفلاني يوجد هنا ولم نشاهده مطلقا (2) وهنا نتسأل: كيف يصح الاستنباط المنطقي لأشياء لم نشاهدها قط؟ وكيف يمكن ان نسمي هذا الاستنباط بناء على طلب العقل: حقيقة علمية؟ ويجيب ماندير بنفسه عن هذا السؤال:
ان المنهج التعليلي صحيح، لأن الكون نفسه عقلي.
فالكون كله مرتبط بعضه بالآخر، حقائقه متطابقة، ونظامه عجيب، ولهذا فان اية دراسة للكون لا تسفر عن ترابط حقائقه وتوازنها هي دراسة باطلة. ويقول ماندير في هذا الصدد:
ان الوقائع المحسوسة هي اجزاء من حقائق الكون، غير أن هذه الحقائق التي ندركها بالحواس قد تكون جزئية وغير مرتبطة بالأخرى. فلو طالعناهما فذة مجردة عن أخواتها فقدت معناها مطلقا. فاما إذا درسناها في ضوء الحقائق الكثيرة مما علمناه مباشرة أو بلا مباشرة، فإننا سندرك حقيقتها.
ثم يأتي بمثال سليم يفسر ذلك فيقول:
اننا نرى ان الطير عندما يموت يقع على الأرض، ونعرف ان رفع الحجر على الظهر أصعب، ويتطلب جهدا، ونلاحظ ان القمر يدور في الفلك، ونعلم ان الصعود

(1) A. E. Mander, Clearer Thinking, London, p. 46.
(2) المرجع السابق، ص 49.
(٤٧)
مفاتيح البحث: الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»