عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٥
فارتاعت النواحي و العربان و أقام السنة و لم يخرج بنفسه إلى الحج بل ارسل ملا حسن عوضا عنه فمنع أيضا عن الحج فلما كانت القابلة انفتح عليه أمر الدورة و عصى عليه بعض البلاد فخرج إليها و حاصر بلدة تسمى كردانية ووقع له فيها مشقة كبيرة إلى أن ملكها بالسيف و قتل أهلها ثم توجه إلى جبل نابلس وقهرهم وجبى منهم أموالا عظيمة ثم رجع إلى الشام واستقام أمره وحسنت سيرته وسلك طريق العدل في الاحكام واقام الشريعة والسنة وأبطل البدع والمنكرات واستتاب الخواطئ وزوجهن وطفق يفرق الصدقات على الفقراء وأهل العلم والغرباء وابن السبيل وامر بترك الاسراف في المأكل والملابس وشاع خبر عدله في النواحي ولكن نقل ذلك على أهل البلاد بترك مألوفهم ثم إنه ركب إلى بلاد النصيرية وقاتلهم وانتصر عليهم وسبى نساءهم وأولادهم وكان خيرهم بين الدخول في الاسلام أو الخروج من بلادهم فامتنعوا وحاربوا واتخذلوا وبيعت نساؤهم وأولادهم فلما شاهدوا ذلك اظهروا الاسلام تقيه فعفا عنهم وعمل بظاهر الحديث وتركهم ورحل عنهم إلى طرابلس وحصارها بسبب عصيان أميرها بربر باشا على الوزير واقام محاصرا لها عشرة اشهر حتى ملكها واستولى على قلعتها ونهبت منها أموال للتجار وغيرهم ثم ارتحل إلى دمشق واقام بها مدة فطرقه خبر الوهابية انهم حضروا إلى المزيريب فبادر مسرعا وخرج إلى لقائهم فلما وصل إلى المزيرب وجدهم قد ارتحلوا من غير قتال فأقام هناك أياما فوصل اليه الخبر بأن سليمان باشا وصل إلى الشام وملكها فعاد مسرعا إلى الشام وتلاقى مع عسكر سليمان باشا وتحارب العسكران إلى المساء وبات كل منهم في محله ففي نصف الليل في غفلتهم والمترجم نائم وعساكره أيضا هامدة فلم يشعروا الا وعساكر سليمان باشا كبستهم فحضر اليه كتخداه وأيقظه من منامه وقال له ان لم تسرع والا قبضوا عليك فقام في الحين وخرج هاربا وصحبته ثلاثة اشخاص من مماليكه فقط ونهبت أمواله وارزاقه وزالت عنه سيادته في ساعة واحدة ولم يزل حتى
(٥٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 540 541 542 543 544 545 546 547 548 549 550 ... » »»