عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٠
بموته وكانوا ذهبوا به وهو في السفية إلى بولاق ورسوا به عند الترسخانة واقبل كتخدا بك على الباشا فرآه يبكي فانزعج انزعاجا شديدا وكاد ان يقع على الأرض ونزل السفينة فأتى بولاق اخر الليل وانطلقت الرسل لاخبار الأعيان فركبوا بأجمعهم إلى بولاق وحضر القاضي والأشياخ والسيد المحروقي ثم نصبوا تظلك ساترا على السفينة واخرجوا الناووس والدم والصديد يقطر منه وطلبوا القلاقطة لسد خروقة ومنافسه ونصبوا عودا عند رأسه ووضعوا عليه تاج الوزارة المسمى بالطلخان وانجروا بالجنازة من غير ترتيب والجميع مشاه امامه وخلفه وليس فيها من جوقات الجنائز المعتادة كالفقهاء وأولاد الكتاتيب والأحزاب شئ من ساحل بولاق على طريق المدابغ وباب الخرق على الدرب الأحمر على التبانة إلى الرميلة فصلوا عليه بمصلى المؤمنين وذهبوا به إلى المدفن الذي أعده الباشا لنفسه ولموتاه كل هذه المسافة ووالده خلف نعشه ينظر اليه ويبكي ومع الجنازة أربعة من الحمير تحمل القروش وربعيات الذهب ودراهم انصاف عديدة ينثرون صبها على الأرض وعلى الكيمان وعن يمين الكتخدا ويساره شخصان يتناول منهما قراطيس الفضة يفرق على من يتعرض له من الفقراء والصبيان فإذا تكاثروا عليه نثر ما بقي في يده عليهم فيشتغلون عنه بالتقاطها من الأرض فكان جملة ما فرق وبدر من الانصاف العددية فقط خمسة وعشرين كيسا عنها خمسمائة الف فضة وذلك خلاف القروش وساقوا امام الجنازة ستة رؤوس من الجواميس الكبار اخذ منها خدمة التربة ومن حولهم وخدمة ضريح الإمام الشافعي ولم ينل الفقراء الا ما فضل عنهم واخرجوا لاسقاط صلاة المتوفي خمسة وأربعين كيسا تناولها فقراء الأزهر وفرقت بجامع الفاكهاني بحسب الاغراض للغني منهم اضعاف قسم الفقير وأكثر الفقراء من الفقهاء لم ينالوا ولا القليل ولما وصلوا إلى المدفن هدموا التربة وانزلوه فيها بتابوته الخشب لتعسر اخراجه منه بسبب انتفاخه وتهربه حتى أنهم كانوا يطلقون حول تابوته
(٥٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 535 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 ... » »»