عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٤١
البخورات في المجامر الذهب والرائحة غالبة على ذلك وليس ثم من يتعظ أو يعتبر ولما مات لم يخبروا والدته بموته الا بعد دفنه فجزعت عليه جزعا شديدا ولبست السواد وكذلك جميع نسائهم واتباعهم وصبغوا براقعهم بالسواد والزرقة وكذلك من ينافقهم من الناس حتى لطخوا أبواب البيوت ببولاق وغيرها بالوحل وامتنع الناس بالامر عليهم من عمل الأفراح ودق الطبول مطلقا ونوبة الباشا وإسماعيل باشا وطاهر باشا حتى ما يفعله دراويش المولوية في تكاياهم عند المقابلة من الناي والطبل أربعين يوما واقامو عليه العزاء عن القبر وعدة من الفقهاء والمقرئين ينتابون قراءة القرآن مدة الأربعين يوما ورتبوا له ذبائح ومآكل وكل ما يحتاجونه ثم ترادفت عليهم العطايا من والدته وأخواته والواردين من أقاربه وغيرهم على حد قول القائل مصائب قوم عند قوم فوائد ومات وهو مقتبل الشبيبة لم يبلغ العشرين وكان ابيض جسيما كما قد دارت لحيته بطلا شجاعا جوادا له ميل لأولاد العرب منقادا لملة الاسلام ويتعرض على أبيه في افعاله تخافه العسكر وتهايه ومن اقترف ذنبا صغيرا قتله مع احسانه وعطاياه للمنقاد منهم ولامرائه ولغالب الناس اليه ميل وكانوا يرجون تأمره بعد أبيه ويأبى الله الا ما يريد ومات الوزير المعظم يوسف باشا المنفصل عن امارة الشام وحضر إلى مصر من نحو ثلاث سنوات هاربا وملتجئا إلى حاكم مصر وذلك في أواخر سنة سبع وعشرين ومائتين والف واصله من الأكراد الدكرلية وينسب إلى الأكراد الملية وابتداء امره بأخبار من يعرفه انه هرب من أهله وعمره إذ ذاك خمس عشرة سنة فوصل إلى حماة وتعاطى بيع الحشيش والسرجين والروث ثم خدم عند رجل يسمى ملا حسين مدة سنين إلى أن ألبسه قلبق ثم خدم بعده ملا إسماعيل بالكتاش وتعلم الفروسية والرماحة فلعب يوما في القمار وخسر فيه وخاف على نفسه فخرج هاربا إلى عمر آغا باسيلي من اشراقات إبراهيم باشا المعروف بالازدن فتوجه معه إلى غزة وكان مع المترجم جواد أشقر من جياد الخيل فقلد علي آغا متسلم غزة عمر آغا
(٥٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 536 537 538 539 540 541 542 543 544 545 546 ... » »»