عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٤٩
ومناصبهم واما رغبة وطمعا وتوصلا للرياسة والسيادة وهم الأكثر وخصوصا أعداء الملة من نصارى الأرمن وأمثالهم الذين هم الان اخصاء لحضرته ومجالسته وهم شركاؤه في أنواع المتاجر وهم أصحاب الرأي والمشورة وليس لهم شغل ودرس الا فيما يريد حظوتهم ووجاهتهم عند مخدومهم وموافقة اغراضه وتحسين مخترعاته وربما ذكروه ونبهوه على أشياء تركها أو غفل عنها من المبتدعات وما يتحصل منها من المال والمكاسب التي يسترزقها أرباب تلك الحرفة لمعاشهم ومصاريف عيالهم ثم يقع الفحص على أصل الشئ وما يتفرع منه وما يؤل إذا احكم امره وانتظم ترتيبه وما يتحصل منه بعد التسعير الذي يجعلونه مصاريف الكتبة والمباشرين أبرزت مبادية في قالب العدل والرفق بالرعية ولما وقع الالتفات إلى امر المذابح والسلخانة وما يتحصل منها وما يكتسبه الموظفون فيها فأول ما بدؤا به ابطال جميع المذابح التي بجهات مصر والقاهرة وبولاق خلاف السلخانة السلطانية التي خارج الحسينية وتولى رياستها شخص من الأتراك ثم سعرت هذه التسعيرة فجعل الرطل الذي يبيعه القصاب بسبعة انصاف فضة وثمنه على القصاب من المذبح ثمانية انصاف ونصف وكان يباع قبل هذه التسعيرة بالزيادة الفاحشة فشح وجود اللحم وأغلقت حوانيت الجزارين وخسروا في شراء الأغنام وذبحها وبيعها بهذا السعر وانهي أمر شحة اللحم إلى ولي الامروان ذلك من قلة المواشي وغلوا ثمان مشترواتها على الجزارين وكثرة رواتب الدولة والعساكر وأشيع انه امر بمراسيم إلى كشاف الأقاليم قبلي وبحري لشراء الأغنام من الأرياف لخصوص رواتبه ورواتب العسكر والخاصة وأهل الدولة ويترك ما يذبحه جزار والمذبح لأهل البلدة وعند ذلك ترخص الأسعار ثم تبين خلاف ذلك وان هذه الإشاعة توطئة وتقدمة لما سيتلى عن قريب وفي منتصفه وصلت اغنام وعجول وجواميس من الأرياف هزيلة وازدادت بإقامتها هزالا من الجوع وعدم مراعاتها فذبحوا منها بالمذابح
(٥٤٩)
مفاتيح البحث: النهي (1)، الكسب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 544 545 546 547 548 549 550 551 552 553 554 ... » »»