عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٥٣٧
ومات أيضا سليما آغا حاكم رشيد ومات الأمير الكبير المشهير بإبراهيم بك المحمدي عين أعيان امراء الألوف المصريين ومات بدنقلة متغربا عن مصر وضواحيها وهو من مماليك محمد بك أبي الذهب تقلد الامرة والامارة في سنة اثنتين وثمانين ومائة والف في أيام علي بك الكبير وتقلد مشيخة البلد ورياسة مصر بعد موت أستاذه في سنة تسع وثمانين ومائة والف مع مشاركة خشداشه مراد بك وباقي أمرائهم والجميع راضون برياسته وامارته لايخالفهم ولايخالفونه ويراعي جانب الصغير منهم قبل الكبير ويحرص على جمعية امرهم والفة قلوبهم فطالت أيامه وتولى قائم مقامية مصر على الوزراء نحو العشرة مرار وطلع أميرا على الحج في سنة ست وثمانين وتولى الدفتردارية في سنة سبع وثمانين وكلاهما في حياة أستاذه واشترى المماليك الكثيرة ورباهم وأعتقهم وامر وقلد منهم صناجق وكشافا واسكنهم الدور الواسعة وأعطاهم الاقطاعات ومات الكثير منهم في حياته واقام خلافهم من مماليكه ورأى أولاد أولاده بل وأولادهم وما زال يولد له واقام في الامارة نحو ثمان وأربعين سنة وتنعم فيها وقاسى في أواخر امره شدائد واغترابا عن الأهل والأوطان وكان موصوفا بالشجاعة والفروسية وباشر عدة حروب وكان ساكن الجأش صبور ذا تؤدة وحلم قريبا للانقياد للحق متجنبا للهزل الا نادرا مع الكمال والحشمة لا يحب سفك الدماء مرخصا لخشداشينه في أفاعيلهم كثير التغافل عن مساويهم مع معارضتهم له في كثير من الأمور وخصوصا مراد بك واتباعه فيغضي ويتجاوز ولا يظهر غما ولا خلافا ولا تأثرا حرصا على دوام الألفة وعدم المشاغبة وان حدث فيما بينهم ما يوجب وحشة تلافاه واصلحه وكان هذا الاهمال والترخص والتغافل سببا لمبادئ الشرور فإنهم تمادوا في التعدي وداخلهم الغرور وغمرتهم الغفلة عن عواقب الأمور واستصغروا من عداهم وامتدت أيديهم لاخذ أموال التجار وبضائع الإفرنج الفرنساوية وغيرهم بدون الثمن
(٥٣٧)
مفاتيح البحث: الحج (1)، الغفلة (1)، الوسعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 532 533 534 535 536 537 538 539 540 541 542 ... » »»