ومائتين والف وكان من دهاة العالم واخباره ومناقبه تحتاج إلى مجلدين ولم يزل حتى سلط الله عليه بأفاعيله هذا الباشا فلم يزل يخادعه حتى تمكن منه وقبض عليه وأرسله إلى بلدة سلانيك وخرج من سلطته وسيادته إلى بلاد الغربة ونهبت أمواله وماتت أولاده وجواريه ثم مات هو في هذه السنة ومات الأمير مصطفى بك دالي باشا ونسيبه أيضا وكان من أعاظم أركان دولته شهير الذكر موصوفا بالاقدام والشجاعة ومات بالإسكندرية ولما وصل خبره إلى الباشا اغتم غما شديدا وتأسف عليه وكان الباشا ولاه كشوفية الشرقية وقرن به على كاشف فأقام بها نحو السنتين ومهد البلاد وأخاف العربان وأذلهم وقتل منهم الكثير وجمع لمخدومه أموالا جمة وكان جسيما بطينا يأكل التيس المخصي وحده ويشرب عليه الزق من الشراب ثم يتبعه بشالية أو اثنتين من اللبن ويستلقي نائما مثل العجل العظيم ذي الخوار الا انه كان يقضي حاجة من التجأ اليه ويحب أولاد الناس ويواسيهم يتجاوز عن الكثير ويعطي ما يلزمه من الحقوق لأربابها ولما تحققت أخته التي هي زوج الباشا وكذلك والدته امرتا بإحضار رمته إلى مصر ويدفن بمدفنهم وتعين لذلك سليمان آغا السلحدار فسافر إلى الإسكندرية ووضعه في صندوق من فق على عربية ووصل به بعد اثني عشر يوما من موته وكان وصوله في ثاني ساعة من ليلة الجمعة سادس عشري جمادي الثانية وذهبوا به إلى المدفن في المشاعل من خلف المجراة فلما وصلوا إلى المدفن أرادوا انزله إلى القبر بالصندوق فلم يمكنهم فكسروا الصندوق فعبقت رائحته وقد تهرى فهرب كل من كان حاضرا فكبوه على حصير ولفوه فيه وانزلوه إلى الحفرة وغشي على الفحارين وخزعت النفوس من رائحة أخشاب الصندوق فحثوا عليه الأتربة وليس من يفتكر ويعتبر ومات أيضا حسن آغا حاكم بندر السويس مطعونا قولي الباشا عوضه السيد احمد الملا الترجمان
(٥٣٦)