عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٦
ينتصر له مهد له الطريق سرا قبل الايقاع به فإنه لما أراد ضرب السيد بدوي طاف على الشيخ العروسي وأمثاله وأسرهم ما في نفسه وامتدت يده أيضا إلى شهود بيت القاضي فكان إذا بلغه أن أحدهم كتب حجة استبدال وإجارة مكان مدة طويلة لناظر أو مستحق وكان ذلك المكان يؤل بعد انقراض مستحقيه لضريح من الأضرحة التي تحت نظر احضر ذلك الكاتب ووبخه ولعنه ولربما ضربه وأبطل تلك المكاتبة ومحاها من سجل القاضي أو يصالحونه على تنفيذ ذلك مع أنها لا تؤل إلى تلك الجهة الا بعد سنين وأعوام متطاولة وقد نص علماء الشرع على أن الوقف والنذر للقبور والأضرحة باطل فان قيل بصحته على الفقراء قلنا أن سدنة هذه الأضرحة ليسوا بفقراء بل هم الآن اغنى الناس على والفقراء حقيقة خلافهم من أولاد الناس الذين لا كسب لهم والكثير من أهل العلم الخاملين والذين يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ولما استولى المترجم على وظيفة نظر المشهد الحسيني قهر السيد بدوي المباشر المذكور واخذ دار سكنه شرقي المسجد واخرجه منها وهدمها وانشأها دارا لنفسه ينزل بها أيام المولد المعتاد ويأتي إليها في كل جمعة أو جمعتين ولما تم بناؤها ونظامها وقرب وقت أيام المولد انتقل إليها بخدمه وحريمه وتقدم إلى حكام الشرطة بأمر الناس والمناداة على أهل الأسواق والحوانيت بالسهر بالليل ووقود السرج والقناديل خمس عشرة ليلة المولد وكان في السابق ليلة واحدة واحدثوا في تلك الليالي سيارات وجمعيات وطبولا وزمورا ومناور ومشاعل وجمع خلائق من أوباش العالم الذين ينتسبون إلى الطرائق كالاحمدية والسعدية والشعيبية ويتجاوبون في وسط الطبول بألفاظ مستهجنة ينادون بها مشايخ طرقهم بكلمات وعبارات تشمئز منها الطباع وأمرهم بأن يمروا من تحت داره ودعا امراء البلدة في ظرف تلك الأيام متفرقين ودعا عابدين باشا يوم المولد ولما سكن بتلك الدار وهي قبالة الميضاة والمراحيض فكان يتضرر من الرائحة فقصد ابطالها من تلك الجهة فاشترى دارا قبلي المسجد
(٤٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 431 ... » »»