عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٨
الذهب والقيشاني الصيني بجميع حيطانها والرخام الملون وبها الفسقية والسلسبيل والقمريات الملونة فكشف حائطها وادخل فسحتها في رحبة الحوش وهدم القاعة الأخرى التي كان يصعد إليها يسلم من الفسحة الأخرى وأبطل الحواصل التي أسفلها وساواها بالأرض وعمل بها فسقية بالرخام ومرافقها من داخلها وبها باب يتوصل منه إلى الحريم وسماها الانوارية نسبة لكنيته وامامها فسحة عظيمة ديوان بدكك وكراسي بجانب البستان وبها الطرقة والدهليز الممتد بوسط البستان الموصل إلى القاعة المسماة بالغزال والاسعدية وهدم المقعد القديم الذي به العامود وقناطره وما كان بظاهر الحاصل المسمى بحاصل السجادة من الحواصل السفلية وجعله مسجدا يصلى فيه الجمعة ونصب فيه منبرا للخطبة وذلك لبعد المساجد الجامعة عن داره وتعاظمه عن السعي الكثير والاختلاط بالعامة واخذ قطعة وافرة من بيت كتخدا الجاويشية وسع بها البستان وغرس بها الأشجار والرياحين والثمار وافنى غالب عمره في تحصيل الدنيا وتنظيم المعاش والرفاهية واقتناء كل مرغوب للنفس وشراء الجواري والمماليك والعبيد والحبوش والخصيان والتأنق في المآكل والمشارب والملابس واستخراج الادهان والعطريات المفرحة والمنعشة للقوة وتعاظم في نفسه وتعالى على أبناء جنسه حتى أنه ترفع على لبس التاج وحضور المحيا بالأزهر ليلة المعراج وكذا الحضور في مجلس وردهم الذي هو محل عزهم وفخرهم وصار يلبس قاووقا بعمامة خضراء تشبها بأكابر الامراء وبعدا عن التشبه بالمتعممين والفقهاء والمقرئين ولما طالت أيامه وماتت اقرانه والذين كان يستحي منهم ويهابهم وتقلبت عليه الدول واندرجت أكابر الامراء وتأمر اتباعهم ومماليكهم الذين كانوا يقومون على اقدامهم بين يدي مخاديمهم واسيادهم جلوس بالأدب مع المترجم لا جرم كانت هيبته في قلوبهم أعظم من اسلافهم واستصغاره هو لهم كذلك فكان يصدعهم بالكلام وينفذ امره فيهم ويذكر الأمير الكبير بقوله ولدنا الأمير فلان
(٤٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 423 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 ... » »»