عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٤
خلاف ذلك فوائد ولما حضر حسن باشا الجزايرلي إلى مصر على رأس القرن وخرج الامراء المصريون إلى الجهة القبلية واستباح أموالهم وقبض على نسائهم وأولادهم وامر بإنزالهم سوق المزاد وبيعهم زاعما انهم أرقاء المال وفعل ذلك فاجتمع الأشياخ وذهبوا اليه فكان المخاطب له المترجم قائلا له أنت اتيت إلى هذه البلدة وارسلك السلطان إلى إقامة العدل ورفع الظلم كما تقول أو لبيع الأحرار وأمهات الأولاد وهتك الحريم فقال هؤلاء أرقاء لبيت المال فقال له هذا لا يجوز ولم يقل به أحد فاغتاظ غيظا شديد وطلب كاتب ديوانه وقال له أكتب أسماء هؤلاء واخبر السلطان بمعارضتهم الاوامره فقال له السيد محمود البنوفري اكتب ما تريد بل نحن نكتب اسمانا بخطنا فافحم وانكف عن اتمام قصده وأيضا نتبع أموالهم وودائعهم وكان إبراهيم بك الكبير قد أودع عند المترجم وديعة وكذلك مراد بك أودع عند محمد أفندي البكري وديعة وعلم ذلك حسن باشا فأرسل عسكرا إلى السيد البكري فلم تسعه المخالفة وسلم ما عنده وارسل كذلك يطلب من المترجم وديعة إبراهيم بك فامتنع من دفعها قائلا أن صاحبها لم يمت وقد كتبت على نفسي وثيقة فلا اسلم ذلك ما دام صاحبها في قيد الحياة فاشتد غيظ الباشا منه وقصد البطش به فحماه الله منه ببركة الأنصار للحق فكان يقول لم ار في جميع الممالك التي ولجتها من اجترا على مخالفتي مثل هذا الرجل فإنه احرق قلبي ولما ارتحل من مصر ورجع المصريون إلى دولتهم حصل من مراد بك في حق السيد البكري ما حصل وغرمه مبلغا عظيما باع فيه اقطاعه في نظير تفريطه في وديعته واحتج عليه بامتناع نظيره وحصل له قهر تمرض بسببه وتسلسل به المرض حتى مات ويقال أن مراد بك ارسل اليه الحكيم ودس له السم في العلاج ثم مات رحمه الله وكانت منه هفؤة ولا بد للجواد من كبوة ومن لم ينظر في العواقب فليس له الدهر بصاحب حتى قيل إنه هو الذي عرف حسن باشا عن ذلك لينال به زيارة في الحظوة عنده ويترك منها حصة لنفسه
(٤٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 419 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 ... » »»