عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٢١
والقيعان والقصور وفي ضمنه البستان بالنخيل والأشجار وما يجتني منها من الفواكه والثمار لان معظم الوجاهة والسيادة في هذه الأزمان بالمساكن الأنيقة والملابس الفاخرة وكثرة الايراد والخدم والحشم خصوصا أن اقترن بذلك شئ من المزايا المتعدية من بذل الاحسان واكرام الضيفان فعند ذلك يصير ربه قطب الزمان وفريد العصر والاوان فلو فرضنا أن شخصا اجتمعت فيه أوصاف الكمالات المحنوية والمعارف الدينية وخلاعما ذكر وكان صعلوكا قليل المال كثير العيال فلا يعد في الرجال ولا يلتفت اليه بحال حكم الهية واحكام ربانية فلما تقلدها سيدي احمد المذكوردون المترجم بقي متطلعا يسلي نفسه بالأماني ثم قصد الحج في سنة تسع وسبعين كما ذكر فلما عاد من الحج تزوج بوالدة الشيخ محمد أبي هادي واسكنها بمنزل ملاصق لدار الخليفة توصلا وتقربا لمأموله ولم تطل مدة الشيخ أبي الامداد وتوفي سنة اثنتين وثمانين كما ذكرناه في ترجمته وعند ذلك لم يبق للمترجم معارض وقد مهد أحواله وتثبت امره مع من يخشى صولته ومعارضته من الأشياخ وغيرهم ودفن السيد احمد وركب المترجم في صبحها مع أشياخ الوقت والشيخ احمد البكري وجماعة الحزب ونقبائهم إلى الرباط بالخرنفش ودخل إلى خلوة جدهم فجلس بها ساعة وقرأ أرباب الحزب وظيفتهم ثم ركب مع المشايخ إلى أمير البلدة وكان إذ ذاك علي بك فخلع عليه وركبوا إلى دارهم ومحل سيادتهم المعهودة وأصبح متقلدا خلافة اسلافهم ومشيخة سجادتهم فكان لها اهلا ومحلا وتقدم على أخيه الشيخ يوسف مع كونه اسن منه لما فيه من زيادة الفضيلة ولما ثبطه به من مخادعته وسلامة صدر أخيه وحسن ظنه فيه وانتظم امره وأحسن سلوكه بشهامة وحشمة ورآسة وتؤدة وأدب مع الأشياخ والاقران وتحبب إلى أرباب المظاهر والأكابر واستجلاب الخواطر وسلوك الطرائق الحميدة والتباعد عن الأمور المخلة بالمروءة والاخذ بالحزم والرفق مع الاشتغال في بعض الأحيان بالمطالعة والمذاكرة في المسائل الدينية والأدبية
(٤٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 426 ... » »»