أهل مصره وغيبة أهل عصره وتنبسط نفسه لذلك واليه يصغى * (كلا إن الإنسان ليطغى) * وفي سنة تسعين ومائة والف ورد إلى مصر عبد الرزاق أفندي رئيس الكتاب ومن أكابر أهل الدولة فتداخل معه واصطحب به واهدى اليه هدايا واستدعاء وإضافة وحضر في ذلك العام محمد باشا المعروف بالعزتي واليا على مصر فأنهى اليه بمعونة الرئيس المذكور احتياج زاوية اسلافه للعمارة ودعا الباشا لزيارة قبورهم في يوم المولد المعتاد السنوي وذكر له المقصود واظهر له بعض الخلل وزين له ذلك الفعل وانه من تمام الشعائر الاسلامية والمشاهد التي يجب الاعتناء بشأنها والسعي والطواف بحرمها وكان المعين والسفير والمساعد في ذلك أيضا شيخنا محدث العصر محمد مرتضى وهو عند العثمانين مقبول القول الرزاق الرئيس يتلقى عنه المسلسلات والإجازات وقرأ عليه مقامات الحريري فأجاب الباشا ووعد بإتمام ذلك وكاتب الدولة وورد الامر بإطلاق خمسين كيسا لمصرف العمارة من خزينة مصر فشرع في هدم حوائطها ووسعها عن وضعها الأصلي واندرس في جدارانها قبور ومدافن وحوطها وزخرفها بالنقوش وأنواع الرخام الملون والمموه بالذهب والأعمدة الرخام ثم كاتب الدولة وانهى أن ذلك القدر لم يكف وان العمارة لم تكمل والاحسان بالاتمام فأطلقوا له خمسين كيسا أخرى وأتمها على هذا الوضع الذي هي عليه الان وانشا حولها مساكن ومخادع ووسع القصر الملاصق لها المختص به لجلوسه ومواضع الحريم أيام الموالد ثم ارسل في اثر ذلك كتخداه ووزيره الشيخ إبراهيم السنبدوبي إلى دار السلطنة بمكاتبات وعرض لرجال الدولة والتمس رفع ما على قرية زفتا وغيرها مما في حوزه من الالتزام من المال الميري الذي يدفع إلى الديوان في كل سنة وكان إبراهيم المذكور غاية في الدهاء والحيل الساسانية والتصنعات الشيطانية والتخليطات الوهمية وتقلبات الملامية فتمم مرامه بما ابتدعه من المخرقة والايهامات الملفقة ولم يدفع ما جرت به العادة من العوائد بل اجتلب
(٤٢٣)