عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٥
بقرينة ما ظهر عليه في عقب ذلك من التوسع وقد غلب على ظنه بل وظن غالب الناس انقراض المصريين وغفلوا عن تقلبات الدهر في كل حين واما المترجم فإنه لما اخذ بالحزم سلم ورد الأمانة إلى صاحبها حين قدم وحسنت فيهم سيرته وزادت عندهم محبته وفي عقب ذلك نزل السيد محمد أفندي البكري المذكور عن وظيفة نظر المشهد الحسيني للمترجم وارسل اليه بصندوق دفاتر الوقف وكان نظر المشهد يبيتهم مدة طويلة ووعده المترجم بأن يبدله عنه وظيفة النظر على وقف الشافعي فلما حصل الفراغ واحتوى على الدفاتر نكث وطمع على الوظيفتين بل ومد يده إلى غيرهما لعدم من يعارضه ولا يدافعه من الامراء وغيرهم مثل نظر المشهد النفيسي والزيني وباقي الأضرحة الكثيرة الايراد التي يصاد بها الدنيا من كل ناد وتأتيها الخلائق بالقربانات وأنواع النذورات واخذ يحاسب المباشرين وخدمة الأضرحة المذكورة على الايرادات والنذورات ويحاققهم على الذرات ويسبهم ويهينهم ويضربهم بالجريد المحمص على أرجلهم وفعل ذلك بالسيد بدوي مباشر المشهد الحسيني وهو من وجهاء الناس الذين يخشى جانبهم ومشهور ومذكور في المصر وغيره وكان معظم انقباض السيد البكري ونزوله عن نظر المشهد ضيق صدره من المذكور ومنكادته له واستيلاءه على المحل ومحصول الوقف والتقصير في مصارفه اللازمة وينسب التقصير للناظر وكان رحمه الله عظيم الهمة يغلب عليه الحياء والمسامحة ويرى خلاف ذلك من سفاسف الأمور فتنصل من ذلك وترك فعله لغيره فلما أوقع المترجم بالسيد بدوي وباقي عظماء السدنة ما أوقع انقمع الباقون وذلوا وخافوه أشد الخوف ووشوا على بعضهم البعض وطفق يطالبهم بالنذور والشموع والأغنام والعجول وما يتحصل من صندوق الضريح من المال وكانوا يختصون بذلك كله وأقلهم في رفاهية من العيش وجمع المال مع السفالة والشحاذة حتى من الفقير المعدم المفلس والكسرة الناشفة وكان إذا أراد الايقاع بشخص أو اهانته وخشي عاقبة ذلك أو لو ما يلحقه ممن
(٤٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 420 421 422 423 424 425 426 427 428 429 430 ... » »»