عجائب الآثار - الجبرتي - ج ٣ - الصفحة ٤٣٥
وتقيده وملازمته له وأوصى أن لا يغسل الا على سريره الهندي الذي كان ينام عليه في حياته ليكون مخالفا للعالم حتى في حال الموت فلما كان يوم الأحد ثامن عشر ربيع الأول من السنة انقضى نحبه وتوفي إلى رحمة الله تعالى وقت العصر وبات بالمنزل ميتا فلما أصبح يوم الاثنين غسل وكفن كما أوصى على السرير وخرجوا بجنازته من المنزل ووصلوا بها إلى الأزهر فصلى عليه بعد ما انشد المنشد مرثية من انشاء العلامة الشيخ حسن العطار وجعل براعة استهلالها الإشارة إلى ما كان عليه المترجم من التعاظم والتفاخر فقال * سلام على الدنيا فقد ذهب الفخر * ثم حمل إلى مشهد اسلافه بالقرافة ودفن في التربة التي أعدها لنفسه بجانب مقام جدهم وتقلد مشيخة سجادتهم في ذلك اليوم السيد أحمد بن الشيخ يوسف وهو ابن عمه وعصبته وكنيته أبو الاقبال بإجماع من الخاص والعام وجلس هو واخوه سيدي يحيى لتلقي العزاء وفي الصباح حضر إلى الرباط بالخرنفش وكان بزاوية الرباط المذكور خلوة جدهم أقام بها حين حضر من الغرب إلى مصر وعادتهم إذا تولى شخص منهم المشيخة لا بد أن يأتي في الصباح ويدخل الخلوة فيجلس بها حصة لطيفة فيتروحن وتلبش الولاية فلما كان المترجم هدم حائط تلك الخلوة زاعما انه خاتمة أوليائه وانه لم يأت من يصلح للمشيخة سواه وكأنه اخذه بذلك عهدا وميثاقا ولم يعلم أن ربه لم يزل خلاقا وان الولاية ليست بفعل العبد ولا بالسعي والقصد قال تعالى في محكم آياته الله اعلم حيث يجعل رسالاته وقال سبحانه * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون) * * (إن أولياؤه إلا المتقون) * تسأله التوفيق والهدايا والحفظ عن أسباب الغواية ولما كان القديمة حضر المتولي وصحبته أشياخ الوقت والسيد محمد المحروقي وجماعة الحزب وغيرهم من المتفرجين وقد جعلوا على محل الخلوة سائرا بدل الحائط المهدوم ودخل المتولي خلفها وقرا جماعة الحزب شيئا من القرآن ثم قام
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»