تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٧١
السريانيين اسمان أعجميان لا وثوق لنا بضبطهما وقال الطبري نمروذ بن كوش بن كنعان ابن حام صاحب إبراهيم الخليل عليه السلام وكان يقال عاد ارم فلما هلكوا قيل ثمود ارم فلما هلكوا قيل نمروذ ارم فلما هلك قيل لسائر ولد ارم ارمان فهم النبط وكانوا على الاسلام ببابل حتى ملكهم نمروذ فدعاهم إلى عبادة الأوثان فعبدوها انتهى كلام الطبري وقال هروشيوش مؤرخ الروم انه نمروذ الجسيم وان بابل كانت مربعة الشكل وكان سورها في دور الثمانين ميلا وارتفاعه مائتا ذراع وعرضه خمسون ذراعا وهو كله مبنى بالآجر والرصاص وفيه مائة باب من النحاس وفى أعلاه مساكن الحراس والمقاتلة تبيت على الجانبين في سائر دورة الطريق بينهما وحول هذا السور خندق بعيد المهوى أجرى فيه الماء وأن الفرس هدموه ولما تغلبوا على ملك بابل تولى ذلك منهم جيرش وهو كسرى الأول انتهى كلام هروشيوش ويظهر من كلام هؤلاء ان اسم النمرود سمة لكل من ملك بابل لوقوعه في أهل انساب مختلفة مرة إلى سام ومرة إلى حام وزعم بعض المؤرخين ان نمروذ الخليل عليه السلام هو النمروذ بن كنعان بن سنجاريف بن النمروذ الأكبر وان بختنصر من عقبه وهو ابن برازاد بن سنجاريف بن النمرود وان الفرس الكينية غلبوا بختنصر على بابل ثم أبقوه واستعملوه عليها وان كسرى الأول من بنى ساسان خرب مدينة بابل وعند الإسرائيليين وينقلونه عن كتاب دانيال وارميا من أنبيائهم وضبط هذا الاسم يرميا ان بختنصر من عقب كاسد بن حاور وهو أخو إبراهيم الخليل وبنو كاسد هؤلاء من ملوك بابل ويعرفون بالكسدانيين نسبة إليه وان بختنصر منهم ملك أكثر المعمور وغلب على بنى إسرائيل وأزال دولتهم وخرب بيت المقدس وانتهى ملكه إلى مصر وما وراءها وكان ملكه خمسا وأربعين وملك بعده ابنه أو بل مرود ثلاثا وعشرين سنة وبعده ابنه بلينصر ثلاث سنين ثم زحف إليه دارا من ملوك الفرس وصهره كورش فحاصروه بمدينة بابل وقال بعض الإسرائيليين بختنصر وملوك بابل من كسديم وكسديم من عيلام بن سام وهو أخو أشوذ ومن أشوذ ملوك الموصل انتهى الكلام في ملوك الموصل وملوك بابل وهذا غاية ما أدى إليه البحث من أخبارهم وأنسابهم وكان من هؤلاء والكلدانيين دين الصابئة وهو عبادة الكواكب واستجلاب روحانيتها ويذكر أنهم كانوا لذلك أهل عناية بارصاد الكواكب ومعرفة طبائعها وخلاص المولدات وما يشابه ذلك من علوم النجوم والطلسمات والسحر وانهم نهجوا ذلك لأهل الربع الغربي من الأرض وقد يشهد لذلك قراءة من قرأ وما أنزل على الملكين بكسر اللام مشيرا إلى أن هاروت وماروت من ملوك السريانيين وهم أول ملوك بابل وعلى القراءة المشهورة وانهما من الملائكة
(٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 65 66 68 69 70 71 72 74 75 76 77 ... » »»