لعبد المطلب وهو يومئذ سيد قريش فهموا بقتاله ثم علموا أن لا طاقة لهم به فاقصروا وبعث أبرهة حناطة الحميري إلى مكة يعلمهم بمقصده من هدم البيت ويؤذنهم بالحرب ان اعترضوا دون ذلك وأخبر عبد المطلب بذلك عن أبرهة فقال له والله ما نريد حربه وهذا بيت الله فان يمنعه فهو بيته وان يخلى عنه فما لنا نحن من دافع ثم انطلق به إلى أبرهة ومر بذي نفر وهو أسير فبعث معه إلى سائس الفيل وكان صديقا لذي نفر فاستأذن له على أبرهة فلما رآه أجله ونزل عن سريره فجلس معه على بساطه وسأله عبد المطلب في الإبل فقال له أبرهة هلا سألت في البيت الذي هو دينك ودين آبائك وتركت البعير فقال عبد المطلب أنا رب الإبل وللبيت رب سيمنعه فرد عليه إبله قال الطبري وكان فيما زعموا قد ذهب مع عبد المطلب عمرو بن لعاية بن عدى بن الرمل سيد كنانة وخويلد ابن واثلة سيد هذيل وعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة ويرجع عن هدم البيت فأبى عليهم فانصرفوا وجاء عبد المطلب وأمر قريشا بالخروج من مكة إلى الجبال والشعاب للتحرز فيها ثم قام عند الكعبة ممسكا بحلقة الباب ومعه نفر من قريش يدعون الله ويستنصرونه وعبد المطلب ينشد ويقول لا هم ان العبد يمنع * رحله فامنع رحالك - لا يغلبن صليبهم * ومحالهم أبدا محالك - وانصر على آل الصلب * وعابديه اليوم آلك - في أبيات معروفة ثم أرسل الله عليهم الطير الأبابيل من البحر ترميهم بالحجارة فلا تصيب أحدا منهم الا هلك مكانه وأصابه في موضع الحجر من جسده كالجدري والحصبة فهلك وأصيب أبرهة في جسده بمثل ذلك وسقطت أعضاؤه عضوا عضوا وبعثوا بالفيل ليقدم على مكة فربض ولم يتحرك فنجا وأقدم فيل آخر فحصب وبعث الله سيلا مجحفا فذهب بهم وألقاهم في البحر ورجع أبرهة إلى صنعاء وهو مثل فرخ الطائر فانصدع صدره عن قلبه ومات ولما هلك أبرهة ملك مكانه ابنه يكسوم وبه كان يكنى واستفحل ملكه وأذل حمير وقبائل اليمن ووطئتهم الحبشة فقتلوا رجالهم ونكحوا نساءهم واستخدموا أبناءهم ثم هلك يكسوم بن أبرهة فملك مكانه أخوه مسروق وساءت سيرته وكثر عسف الحبشة باليمن فخرج ابن ذي يزن واستجاش عليهم بكسرى وقدم اليمن بعساكر الفرس وقتل مسروقا وذهب أمر الحبشة بعد أن توارث ملك اليمن منهم أربعة في ثنتين وسبعين سنة أو لهم أرباط ثم أبرهة ثم ابنه يكسوم ثم أخوه مسروق ابن أبرهة * (قصة سيف بن ذي يزن وملك الفرس على اليمن) *
(٦٢)