فجاءت الفرس معها الجنود والأفيال عليها الأساورة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بالمدينة فقال اليوم انتصف العرب من العجم ونصروا وحفظ ذلك اليوم فإذا هو يوم الوقعة ولما تواقف الفريقان جاء قيس بن مسعود إلى هانئ وأشار عليه أن يفرق سلاح لنعمان على أصحابه ففعل واختلف هانئ بن مسعود وحنظلة بن ثعلبة بن سنان فأشار هانئ بركوب الفلاة وقطع حنظلة حزم الرجال وضرب على نفسه وآلى أن لا يفر ثم استقوا الماء لنصف شهر واقتتلوا وهرب العجم من العطش واتبعهم بكر وعجل فاصطف العجم وقاتلوا وصبروا وراسلت إياد بكر بن وائل انا نفر عند اللقاء فصحبوهم واشتد القتال وقطعوا الآمال حتى سقطت الرجال إلى الأرض ثم حملوا عليهم واعترضهم يزيد ابن حماد السكوني في قومه كان كمينا أمامهم فشدوا على اياس بن قبيصة ومن معه من العرب فولت أياد منهزمة وانهزمت الفرس وجاوزوا الماء في حر الظهيرة في يوم قائظ فهلكوا أجمعين قتلا وعطشا وأقام اياس في ولاية الحيرة مكان النعمان ومعه الهمرجان من مرازبة فارس تسع سنين وفي الثامنة منها كانت البعثة وولى بعده على الحيرة آخر من المرازبة اسمه زاذويه بن ماهان الهمذاني سبع عشرة سنة إلى أيام بوران بنت كسرى ثم ولى المنذر بن النعمان بن المنذر وتسميه العرب الغرور الذي قتل بالبحرين يوم اجداث ولما زحف المسلمون إلى العراق ونزل خالد بن الوليد الحيرة حاصرهم بقصورها لما أشرفوا على الهلكة خرج إليهم اياس بن قبيصة في أشراف أهل الحيرة واتقى من خالد والمسلمين بالجزية فقبلوا منه وصالحهم على مائة وستين ألف درهم وكتب لهم خالد بالعهد والأمان وكانت أول جزية بالعراق وكان فيهم هانئ بن قبيصة أخو اياس بن قبيصة بالقصر الأبيض وعدي بن عدى العبادي ابن عبد القيس وزيد بن عدى بقصر العدسيين وأهل نصر بنى عدس من قصور الحيرة وهو بنو عوان بن عبد المسيح بن كلب بن وبرة وأهل قصر بنى بقيلة لأنه خرج على قومه في بردين أخضرين فقالوا يا حارث ما أنت الا بقيله خضراء وعبد المسيح هذا هو المعمر وهو الذي بعثه كسرى أبرويز إلى سطيح في شأن رؤيا المرزبان ولما صالح اياس بن قبيصة المسلمين وعقد لهم الجزية سخطت عليه الأكاسرة وعزلوه فكان ملكه تسع سنين ولسنة منها وثمانية أشهر كانت البعوث وولى حينئذ الخلافة عمر بن الخطاب وعقد لسعد بن أبي وقاص على حرب فارس فكان من أول عمل يزدجرد أن أمر مرزبان الحيرة أن يبعث قابوس بن قابوس بن المنذر وأغراه بالعرب ووعده بملك آبائه وقال له ادع العرب وأنت على من أجابك منهم كما كان آباؤك فنهض قابوس إلى القادسية ونزلها وكاتب بكر بن وائل بمثل ما كان للنعمان فكاتبهم مقاربة ووعدا وانتهى الخبر إلى المثنى بن حارثة الشيباني عقب مهلك أخيه المثنى وقبل وصول
(٢٦٨)