تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٨١
نجا ومنهم من قتل وحملت غسان على عسكر المنذر وقد اختبطوا فهزموهم وكانت حليمة بن الحارث تحرض الناس وهم منهزمون على القتال فسمى يوم حليمة ويقال ان النجوم ظهرت فيه بالنهار من كثرة العجاج ثم توالى الملك في ولد الحارث الأعرج إلى أن ملك منهم جفنة بن المنذر بن الحارث الأعرج وهو محرق لأنه حرق الحيرة دار ملك آل النعمان وكان جوالا في الآفاق وملك ثلاثين سنة ثم كانت ثالثه في الملك النعمان بن عمرو بن المنذر الذي بنى قصر السويدا وقصر حارت عند صيدا وهو مذكور في شعر النابغة ولم يكن أبوه ملكا وانما كان يغزو بالجيوش ثم ملك جبلة بن النعمان وكان منزله بصفين وهو صاحب عين اباغ يوم كانت له الهزيمة فيه على المنذر بن المنذر ابن ماء السماء وقتل المنذر في ذلك اليوم ثم اتصل الملك في تسعة منهم بعده وكان العاشر أبو كرب النعمان بن الحارث الذي رثاه النابغة وكان منزله بالجولان من جهة دمشق ثم ملك الأيهم بن جبلة بن الحارث وكان له رأى في الافساد بين القبائل القبائل حتى أفنى بعضهم بعضا فعل ذلك ببني جسر وعاملة وغيرهم وكان منزله بتدمر وملك بعده منهم خمسة فكان السادس منهم ابنه جبلة بن الأيهم وهو آخر ملوكهم اه‍ كلام ابن سعيد واستفحل ملك جبلة هذا وجاء الله بالاسلام وهو على ملكه ولما افتتح المسلمون الشأم أسلم جبلة وهاجر إلى المدينة واستشرف أهل المدينة لمقدمه حتى تطاول النساء من خدورهن لرؤيته لكرم وفادته وأحسن عمر رضي الله عنه نزله وأكرم وفادته وأجله بأرفع رتب المهاجرين ثم غلب عليه الشقاء ولطم رجلا من المسلمين من فزارة وطئ فضل إزاره وهو يسحبه في الأرض ونابذه إلى عمر رضي الله عنه في القصاص فأخذته العزة بالاثم فقال له عمر رضي الله عنه لا بد أن أقيده منك فقال له اذن أرجع عن دينكم هذا الذي يقاد فيه للسوقة من الملوك فقال له عمر رضي الله عنه اذن أضرب عنقك فقال أمهلني الليلة حتى أرى رأيي واحتمل رواحله وأسرى فتجاوز الدروب إلى قيصر ولم يزل بالقسطنطينية حتى مات سنة عشرين من الهجرة وفيما تذكره الثقات انه ندم ولم يزل باكيا على فعلته تلك وكان فيما يقال يبعث بالجوائز إلى حسان بن ثابت لما كان منه في مدح قومه ومدحه في الجاهلية (وعند ابن هشام) أن شجاع بن وهب انما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جبلة (قال المسعودي) جمع ملوك غسان بالشأم أحد عشر ملكا وقال إن النعمان والمنذر اخوة جبلة وأبى شمر وكلهم بنو الحارث بن جبلة بن الحارث بن ثعلبة ملكوا كلهم (قال) وقد ملك الروم على الشأم من غير آل جفنة مثل الحارث الأعرج وهو أبو شمر بن عمرو بن الحارث بن عوف وعوف هذا جد ثعلبة بن عامر قاتل داود اللثق وملكوا عليهم أيضا أبا جبيلة بن عبد الله بن حبيب بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج بن
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»