تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٣٥
لعهد إبراهيم الخليل عليه السلام ثم كانت لهم حروب مع الفرس عند تخريب بيت المقدس وبناء رومة ثم غلبهم الإسكندر وصاروا في ملكته واندرجوا في قبائل الروم ويونان ثم لما ضعف أمر الروم بعد الإسكندر وتغلبوا على بلاد الغريقيين ومقدونية ونبطة أيام غلبنوش بن بارايان من ملوك القياصرة وكانت بينه وبينه حروب سجال ثم غلبهم القياصرة من بعده وظفروا بهم حتى إذا انتقل القياصرة إلى القسطنطينية وفشل أمرهم برومة زحف إليها هؤلاء القوط واقتحموها عنوة فاستباحوها ثم خرجوا عنها أيام طودوشيش بن أركادش بعد حروب كثيرة وكان أميرهم لذلك العهد انطرك كما ذكرناه ومات لعهد طودوشيش وأراد أن يجعل اسمه سمة الملوك برومة منهم مكان سمة قيصر فاختلف عليه أصحابه في ذلك فرجع عنه ثم صالح الرومانيين على أن يكون له ما يفتح من بلاد الأندلس لما كان أمر الرومانيين قد ضعف عن الأندلس ولحق بها ثلاث طوائف من الغريقيين فاقتسموا ملكها وهم الابيون والشوانيون والقندلش وباسم قندلس سميت الأندلس وكان بالأندلس من قبلهم الارباريون من ولد طوال بن يافث وهم اخوة الانطاليس سكنوها من بعد الطوفان وصاروا إلى طاعة أهل رومة حتى دخل إليهم هؤلاء الطوالع من الغريقيين عندما اقتحم القوط مدينة رومة وغلبوا الأمم الذين كانوا بها من ولد طوال وقد يقال ان هؤلاء الطوالع كلهم من ولد طوال ابن يافث وليسوا من الغريقيين واقتسم هؤلاء الطوالع ملكها وكانت جليقية لقندلش ولشبونة وماردة وطليطلة ومرسية لشوانش وكانوا أشرافهم وكانت إشبيلية وقرطبة وجيان وطالعة للابيق وأميرهم عندريقش أخو لشيقش أربعين سنة حين زحف إليهم القوط من رومة وكان قد ولى عليهم بعد اطفانش ملك آخر منهم اسمه طشريك وقتله الرومانيون وولى مكانه منهم ماستة ثلاث سنين وزوج أخته من طودوشيش ملك الرومانيين وصالحه على أن يكون له ما يفتحه من الأندلس ثم مات وولى مكانه لزريق ثلاث عشرة سنة وهو الذي زحف إلى الأندلس وقتل ملوكها وطرد الطوائف الذين كانوا بها فأجازوا إلى طنجة وتغلبوا على بلاد البربر وصرفوا البربر الذين كانوا بالعدوة عن طاعة القسطنطين إلى طاعتهم فلم يزالوا على ذلك إلى دولة يشتيانش نحوا من ثمانين سنة ثم هلك طورديق ملك القوط بالأندلس وولى مكانه سبع عشرة سنة وانتقض عليه البسكتس احدى طوائف القوط فزحف إليهم وردهم إلى طاعته ثم هلك وولى بعده الديك ثلاثا وعشرين سنة وكانت الإفرنج لعهده قد طمعوا في ملك الأندلس وأن يغلبوا عليها القوط فجمعوا لهم وملكوا على أنفسهم منهم فزحف إليهم الديك في أمم القوط إلى أن توغل في بلاد الإفرنج فغلبوه وقتلوه وعامة أصحابه وكانت القوط قبل
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 ... » »»