تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ٢٣٢
عن الملك والتزم أحكام الصلح الذي عقده مع البارسلان وترهب ارمانوس إلى هنا انتهى كلام ابن الأثير (ثم استفحل ملك الإفرنج بعد ذلك واستبدوا بملك رومة وما وراءها وكان الروم لما أخذوا بدين النصرانية حملوا عليه الأمم المجاورين لهم طوعا وكرها فدخل فيه طوائف من الأمم منهم الأرمن وقد تقدم نسبهم إلى ناحور اخى إبراهيم عليه السلام وبلدهم أرمينية وقاعدتها خلاط ومنهم الكرج وهم من شعوب الروم وبلادهم الخزر ما بين أرمينية والقسطنطينية شمالا في جبال ممتنعة ومنهم الچركش في جبال بالعدوة الشرقية من بحر نيطش وهم من شعوب الترك ومنهم الروس في جزائر ببحر نيطش وفي عدوته الشمالية ومنهم البلغار نسبة إلى مدينة لهم في العدوة الشمالية أيضا من بحر نيطش ومنهم البرجان أمة كبيرة متوغلون في الشمال لا تعرف أخبارهم لبعدها وهؤلاء كلهم من شعوب الترك وأعظم من أخذ به من الأمم الإفرنج وقاعدة بلادهم فرنجة ويقولون فرنسة بالسين وملكهم الفرنسيس وهم في بسائط على عدوة البحر الرومي من شماليه وجزيرة الأندلس من ورائهم في المغرب تفصل بينهم وبينها جبال متوعرة ذات مسالك ضيقة يسمونها البون وساكنها الجلالقة من شعوب الإفرنج وهؤلاء فرنسة أعظم ملوك الإفرنجة بالعدوة الشمالية من هذا البحر واستولوا من الجزيرة البحرية منه على صقلية وقبرص واقريطش وجنوة واستولوا أيضا على قطعة من بلاد الأندلس إلى برشلونة واستفحل ملكهم بعد القياصرة الأول ومن أمم الإفرنجة البنادقة وبلادهم حفافى خليج يخرج من بحر الروم متضايقا إلى ناحية الشمال ومغربا بعض الشئ على سبعمائة ميل من البحر وهذا الخليج مقابل لخليج القسطنطينية وفي القرب منه وعلى ثمان مراحل من بلاد جنوة ومن ورائها مدينة رومة حاضره الإفرنجة ومدينة ملكهم وبها كرسي البطرك الأكبر الذي يسمونه البابا ومن أمم الإفرنجة الجلالقة وبلادهم الأندلس وهؤلاء كلهم دخلوا في دين النصرانية تبعا للروم إلى من دخل فيه منهم من أمم السودان والحبشة والنوبة ومن كان على ملكة الروم من برابرة العدوة بالمغرب مثل نغزاوه وهوارة بإفريقية والمصامدة بالمغرب الأقصى واستفحل ملك الروم ودين النصرانية (ولما جاء الله بالاسلام وغلب دينه على الأديان وكانت مملكة الروم قد انتشرت حفافى البحر الرومي من عدوتيه فانتزعوا منهم لأول أمرهم عدوته الجنوبية كلها من الشأم ومصر وإفريقية والمغرب وأجازوا من خليج طنجة فملكوا الأندلس كلها من يد القوط والجلالقة وضعف أمر الروم وملكهم بعد الانتهاء إلى غايته شأن كل أمة ثم شغل الإفرنجة بما دهمهم من العرب في الأندلس والجزائر بما كانوا يتخيمونهم ويرددون الصوائف إلى بسائطهم أيام عبد الرحمن
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»