تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٦١
يستخرجا معد بن عدنان الذي من ولده محمد أختم بن النبيين آخر الزمان وهو ابن ثنتي عشرة سنة وردفه يوحنا على البراق وجاء به إلى حران وربى بن أنبياء بنى إسرائيل ورجع بختنصر إلى بابل وانزل السبى بالأنبار فقيل أنبار العرب وسميت بهم وخالطهم النبط بعد ذلك ولما هلك بختنصر خرج معد بن عدنان مع أنبياء بنى إسرائيل إلى الحج فحجوا وبقي هنا لك مع قومه وتزوج بعانة بنت الحارث بن مضاض الجرهمي فولدت له نزار بن معد وأما كيهراسف فكان يحارب الترك عامة أيامه وهلك في حروبهم لمائة وعشرين سنة من ملكه وكان محمود السيرة وكانت الملوك شرقا وغربا يحملون إليه الإتاوة ويعظمونه وقيل إنه ولى ابنه كيستاسب على الملك وانقطع للعبادة ولما ملك ابنه كيستاسب شغل بقتال الترك عامة أيامه ودفع لحروبهم ابنه اسفنديار فعظم عناؤه فيهم وظهر في أيامه زرادشت الذي يزعم المجوس نبوته وكان فيما زعم أهل الكتاب من أهل فلسطين خادما لبعض تلامذة ارميا النبي خالصة عنده فخانه في بعض أموره فدعا الله عليه فبرص ولحق بآذربيجان وشرع بها دين المجوسية وتوجه إلى كيستاسف فعرض عليه دينه فأعجبه وحمل الناس على الدخول فيه وقتل من امتنع وعند علماء الفرس ان زرادشت من نسل منوشهر الملك وان نبيا من بنى إسرائيل بعث إلى كيستاسف وهو ببلخ فكان زرادشت وجاماسب العالم وهو من نسل منوشهر أيضا يكتبان بالفارسية ما يقول ذلك النبي بالعبرانية وكان جاماسب يعرف اللسان العربي ويترجمه لزرادشت وان ذلك كان لثلاثين سنة من دولة كيهراسف (وقال علماء الفرس) ان زرادشت جاء بكتاب ادعاه وحيا كتب في اثنى عشر ألف بعده نقشا بالذهب وان كيستاسف وضع ذلك في هيكل بإصطخر ووكل به الهرابذة ومنع من تعليمه العامة (قال) المسعودي ويسمى ذلك الكتاب نسناه وهو كتاب الزمزمة ويدور على ستين حرفا من حروف العجم وفسره زرادشت وسمى تفسيره زند ثم فسر التفسير ثانيا وسماه زنديه ء وهذه اللفظة هي التي عربتها العرب زنديق وأقسام هذا الكتاب عندهم ثلاثة قسم في أخبار الأمم الماضية وقسم في حدثان المستقبل وقسم في نواميسهم وشرائعهم مثل أن المشرق قبلة وان الصلوات في الطلوع والزوال والغروب وانها ذات سجدات ودعوات وجدد لهم زرادشت بيوت النيران التي كان منوشهر أخمدها ورتب لهم عيدين النيروز في الاعتدال الربيعي والمهرجان في الاعتدال الخريفي وأمثال ذلك من نواميسهم ولما انقرض ملك الفرس الأول أحرق الإسكندر هذه الكتب ولما جاء أردشير جمع الفرس على قراءة سورة منها تسمى اسبا قال المسعودي وأخذ كيستاسف بدين المجوسية من زرادشت لخمس وثلاثين سنة من نبوته فيما زعموا ونصب كيستاسف مكانه
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 159 160 161 162 163 164 166 167 ... » »»