تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٤٩
قاتل دونك هؤلاء لهذه التسمية فلو نزعتها انصرفوا فسكت عثمان ولزم الدار وأقسم على الناس بالانصراف فانصرفوا الا الحسن بن علي ومحمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير وكانت مدة انحصاره أربعين يوما ولثمان عشرة منها وصل الخبر بمسير الجنود من الأمصار فاشتد الانحصار ومنعوه من لقاء الناس ومن الماء وأرسل إلى على وطلحة والزبير وأمهات المؤمنين يطلب الماء فركب على إليهم مغلسا وقال يا أيها الناس ان هذا لا يشبه أمر المؤمنين ولا الكافرين وانما الأسير عند فارس والروم يطعم ويسقى فقالوا لا والله ونعمة عين فرجع وجاءت أم حبيبة على بغلتها مشتملة على إداوة وقالت أردت أن أسأل هذا الرجل عن وصايا عنده لبنى أمية أو تهلك أموال أيتامهم وأراملهم فقالوا لا والله وضربوا وجه البغلة فنفرت وكادت تسقط عنها وذهب بها الناس إلى بيتها وأشرف عليهم عثمان وقرر حقوقه وسوابقه فقال بعضهم مهلا عن أمير المؤمنين فجاء الأشتر وفرق الناس وقال لا يمكر بكم ثم خرجت عائشة إلى الحج ودعت أخاها فأبى فقال له حنظلة الكاتب تدعوك أم المؤمنين فلا تتبعها وتتبع سفهاء العرب فيما لا يحل ولو قد صار الامر إلى الغلبة غلبك عليه بنو عبد مناف ثم ذهب حنظلة إلى الكوفة وبلغ طلحة والزبير ما لقى على وأم حبيبة فلزموا بيوتهم وكان آل حزم يدسون الماء إلى بيت عثمان في الغفلات وكان ابن عباس ممن لزم باب عثمان للمدافعة فأشرف عليه عثمان وأمره أن يحج بالناس فقال جهاد هؤلاء أحب إلى فأقسم عليه وانطلق ولما رآى أهل مصر ان أهل الموسم يريدون قصدهم وان أهل الأمصار يسيرون إليهم اعتزموا على قتل عثمان رضي الله عنه يرجون في ذلك خلاصهم واشتغال الناس عنهم فقاموا إلى الباب ليقتحموه فمنعهم الحسن بن علي وابن الزبير ومحمد بن طلحة ومروان وسعيد بن العاصي ومن معهم من أبناء الصحابة وقاتلوهم وغلبوهم دون الباب ثم صدهم عثمان عن القتال وحلف ليدخلن فدخلوا وأغلق الباب فجاؤوا بالنار وأحرقوه ودخلوا وعثمان يصلى وقد افتتح سورة طه وقد سار أهل الدار فما شغله شئ من أمرهم حتى فرغ وجلس إلى المصحف يقرأ فقرأ الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ثم قال لمن عنده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عهد إلى عهدا فأنا صابر عليه ومنعهم من القتال وأذن للحسن في اللحاق بأبيه وأقسم عليه فأبى وقاتل دونه وكان المغيرة بن الأخنس ابن شريق قد تعجل من الحج في عصابة لنصره فقاتل حتى قتل وجاء أبو هريرة ينادى يا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة وتدعونني إلى النار وقاتل ثم اقتحمت الدار من ظهرها من جهة دار عمرو بن حزم فامتلأت قوما ولا يشعر الذين بالباب وانتدب رجل
(١٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 ... » »»