تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٣٥
انظفتر إلى أو غشطش قيصر ونما الخبر إليه بأن أخاه قدودا يريد قتله فسخطه وأبعده وألزمه بيته ثم مرض قدودا واستبد أخاه هيرودس ليعوده فعاده ثم مات فحزن عليه ثم حزن باستكشاف ما نما إليه فعاقب جواريه فأقرت إحداهما بأن انظفتر وقدودا كانا يجتمعان عند رسيس أم انظفتر يدبران على قتل هيرودس على يد خازن انظفتر فأقر بمثل ذلك وأنه بعث على السم من مصر وهو عند امرأة قدودا فأحضرت فأقرت بأن قدودا أمرها عند موته بإراقته وأنها أبقت منه قليلا يشهد لها ان سئلت فكتب هيرودس إلى ابنه انظفتر بالقدوم فقدم مستريبا بعد أن اجمع على الهروب فمنعه خدم أبيه ولما حضر جمع له الناس في مشهد وحضر رسول أو غشطش وقدم كاتبه نيقالوس وكان يحب أولاد هيرودس المقتولين ويميل إليهما عن انظفتر فدفع يخاصمه حتى قامت عليه الحجة وأحضر بقية السم وجرب في بعض الحيوانات فصدق فعله فحبس هيرودس ابنه انظفتر حتى مرض وأشرف على الموت وأسف على ما كان منه لأولاده فهم بقتل نفسه فمنعه جلساؤه وأهله وسمع من القصر البكاء والصراخ لذلك فهم انظفتر بالخروج من محبسه ومنع وأخبر هيرودس بذلك وأمر بقتله في الوقت فقتل ثم هلك بعده لخمسة أيام ولسبعين سنة من عمره وخمس وثلاثين من ملكه وعهد بالملك لابنه اركلاوش وخرج كاتبه نيقالوس فجمع الناس وقرأ عليهم العهد وأراهم خاتم هيرودس عليه فبايعوا له وحمل أباه إلى قبره على سرير من الذهب مرصع بالجوهر والياقوت وعليه ستور الديباج منسوجة بالذهب وأجلس مسندا ظهره إلى الأرائك والناس أمامه من الاشراف والرؤساء ومن خلفه الخدم والغلمان وحواليه الجواري بأنواع الطيب إلى أن اندرج في قبره وقام اركلاوش بملكه وتقرب إلى الناس باطلاق المسجونين فاستقام أمره وانطلقت الألسنة بذم هيرودس والطعن عليه ثم انتقضوا على اركلاوش بملكه بما وقع منه من القتل فيهم فساروا إلى قيصر شاكين بذلك وعابوه عنده بأنه ولى من غير أمره وحضر اركلاوش وكاتبه نيقالوس بخصمهم ودفع دعاويهم وأشار عظماء الروم بابقائه فملكه قيصر وأعاده إلى القدس وأساء السيرة في اليهود وتزوج امرأة أخيه الإسكندر وكان له أولاد منها فماتت لوقتها ووصلت شكاية اليهود بذلك إلى قيصر فبعث قائدا من الروم إلى المقدس فقيد اركلاوش وحمله إلى رومة لسبع سنين من دولته وولى على اليهود بالقدس أخاه انطيفس وكان شرا منه واغتصب امرأة أخيه فيلقوس وله منها ولدان ونكر ذلك عليه علماء اليهود والكهنونية وكان لذلك العهد يوحنا بن زكريا فقتله في جماعة منهم وهذا هو المعروف عند النصارى بالمعمدان الذي عمد عيسى أي طهره بماء المعمودية بزعمهم وفي دولة انطيفس هذا مات قيصر اوغشطش فملك بعده طبريانوس وكان قبيح السيرة وبعث قائده بعيلاس بصنم من ذهب على صورته ليسجد
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»