تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٣٦
له اليهود فامتنعوا فقتل منهم جماعة فأذنوا بحربه وقاتلوه وهزموه وبعث طبريانوس العساكر مع قائده إلى القدس فقبض على انطيفس وحمله مقيدا ثم عزله طبرنايوس إلى الأندلس فمات بها وملك بعده على اليهود اغرياس ابن أخيه ارستبلوس المقتول وهلك في أيامه طبريانوس قيصر وملك نبروش وكان أشر من جميع من تقدمه وأمر أن يسمى الا هو وبنى المذبح للقربان وقرب وأطاعته الناس الا اليهود وبعثوا إليه في ذلك أفيلو الحكيم في جماعة فشتمهم وحبسهم وسخط اليهود ثم قبحت أحواله وساءت أفعاله وثارت عليه دولته فقتلوه ورموا شلوه في الطريق فأكلته الكلاب ثم ملك بعده قلديوش قيصر وأطلق افيلو والذين معه إلى بيت المقدس وهدم المذابح التي كان نيروش بناها وكان اغرياس حسن السيرة معظما عند القياصرة وهلك لثلاث وعشرين سنة من دولته وملك بعده ابنه اغرياس بأمر اليهود وملك عشرين سنة وكثرت الحروب والفتن في أيامه في بلاد اليهود والأرمن وظهرت الخوارج والمتغلبون وانقطعت السبل وكثر الهرج داخل المدينة في القدس وكان الناس يقتل بعضهم بعضا في الطرقات يحملون سكاكين صغار محدين لها فإذا ازدحم مع صاحبه في الطريق طعنه فأهواه حتى صاروا يلبسون الدروع لذلك وخرج كثير من الناس عن المدينة فرارا من القتل وهلك ولد طبريوس قيصر ونيروس من بعده وملك على الروم فيلقوس قيصر فسعى بعض الشرار عنده بأن هؤلاء الذين خرجوا من القدس يذمون على الروم فبعث إليهم من قتلهم وأسرهم واشتد البلاء على اليهود وطالت الفتن فيهم وكان الكهنون الكبير فيهم لذلك العهد عناني وكان له ابن اسمه العازار وكان ممن خرج من القدس وكان فاتكا مصعلكا وانضم إليه جماعة من الأشرار وأقاموا يغيرون على بلاد اليهود والأرمن وينهبون ويقتلون وشكتهم الأرمن إلى فيلقوس قيصر فبعث من قيده وحمله وأصحابه إلى رومة فلم يرجع إلى القدس الا بعد حين واشتد قائد الروم ببيت المقدس على اليهود وكثر ظلمه فيهم فأخرجوهم عنهم بعد أن قتلوا جماعة من أصحابه والحق بمصر فلقى هنا لك اغرباس ملك اليهود راجعا من رومية ومعه قائدان من الروم فشكى إليه فيلقوس بما وقع من اليهود ومضى إلى بيت المقدس فشكى إليه اليهود بما فعل فيلقوس وأنهم عازمون على الخلاف وتلطف لهم في الامساك عن ذلك حتى تبلغ شكيتهم إلى قيصر ويعتذر منه فامتنع العازار بن عناني وأبى الا المخالفة وأخرج القربان الذي كان بعثه معه نيروش قيصر من البيت ثم عمد إلى الروم الذين جاؤوا مع اغرياس فقتلهم حيث وجدوا وقتل القائدين ونكر ذلك أشياخ اليهود واجتمعوا الحرب العازار وبعثوا إلى اغرياس وكان خارج القدس فبعث إليهم بثلاثة آلاف مقاتل فكانت الحرب بينهم وبين العازار
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»