تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٢٠
فسارت العساكر واستنفروا سائر الأرمن من نواحي دمشق وحلب وأعداء اليهود من فلسطين وغيرهم وزحف يهوذا بن متيتيا مقدم اليهود للقائهم بعد أن تضرعوا إلى الله وطافوا بالبيت وتمسحوا به ولقيهم عسكر نيقانور فهزموه وأثخنوا فيه بالقتل وغنموا ما معهم ثم لقيهم عسكر القائد بن تلمياس وهيرودس ثانيا فهزموهما كذلك وقبضوا على فليلقوس القائد الأول لأنطيخوس فأحرقوه بالنار ورجع نيقانور إلى مقدونية فدخلها وخبر ليشاوش وأفظر بن الملك بالهزيمة فجزعوا لها ثم جاءهم الخبر بهزيمة انطيخوس امام الفرس ثم وصل إلى مقدونية واشتد غيظه على اليهود وجمع لغزوهم فهلك دون ذلك بطاعون في جسده ودفن في طريقه وملك أفظر وسموه انطيخوس باسم أبيه ورجع يهوذا بن متيتيا إلى القدس فهدم جميع ما بناه انطيخوس من المذابح وأزال ما نصبه من الأصنام وطهر المسجد وبنى مذبحا جديدا للقربان فوضع فيه الحطب ودعا الله أن يريهم آية في اشتعاله من غير نار فاشتعل كذلك ولم ينطف إلى الخراب الثاني أيام الجلوة واتخذوا ذلك اليوم عيدا سموه عيد العساكر ونازل ليشاوش فزحف إليه يهوذا بن متيتيا في عسكر اليهود وثبت عسكر ليشاوش فانهزموا ولجأ إلى بعض الحصون وطلب النزول على الأمان على أن لا يعود إلى حربهم فأجابه يهوذا على أن يدخل أفظر معه في العقد وكان ذلك وتم الصلح وعاهد أفظر اليهود على أن لا يسير إليهم وشغل يهوذا بالنظر في مصالح قومه قال ابن كريون وكان لذلك العهد ابتداء أمر الكيتم وهم الروم وكانوا برومية وكان أمرهم شورى بين ثلثمائة وعشرين رئيسا ورئيس واحد عليهم يسمونه الشيخ يدبر أمرهم ويدفعون للحروب من يثقون بغنائه وكفايته منهم أو من سواهم هكذا كان شأنهم لذلك العهد وكانوا قد غلبوا اليونانيين واستولوا على ملكهم وأجازوا البحر إلى إفريقية فملكوها كما يأتي في اخبارهم فأجمعوا السير إلى انطيخوس أفظر وابن عمه ليشاوش بقية ملوك يونان بأنطاكية وكاتبوا يهوذا ملك بنى إسرائيل بالقدس يستميلونهم عن طاعة أنطيخوس واليونانيين فأجابوهم إلى ذلك وبلغ ذلك انطيخوس فنبذ إلى اليهود عهدهم وسار إلى حربهم فهزموه ونالوا منه ثم راسلهم في الصلح وأن يقيموا على عهدهم معه وتحمل لبيت المقدس بما كان يحمله من المال وأن يقتل من عنده من شرار اليهود الساعين عليهم فتم العهد بينهم على ذلك وقتل شملاوش من الساعين على اليهود ثم جهز أهل رومة قائد حروبهم دمترياس بن سلياقوس إلى أنطاكية ولقيه انطيخوس أفظر فانهزم انطيخوس وقتل هو وابن عمه ليشاوش وملك الروم أنطاكية ونزلها قائدهم دمترياس وكان القيموس الكوهن من شرار اليهود عند انطيخوس فلما ملك دمترياس قائد الروم فسعى عنده في اليهود ورغبه في ملك القدس
(١٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 114 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 ... » »»