تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ٢ق١ - الصفحة ١٠٧
من بنى إسرائيل بالحجاز فأقاموا مع العرب وكان لعهده من الأنبياء ارميا وحبقون وباروح وبعث بختنصر قائده نبوزراذون بنون مفتوحة وباء موحدة مضمومة تجلب واوا بعدها زاي وراء مفتوحة تجلب ألفا وذال مضمومة تجلب واوا بعدها نون بعثه إلى مدينة القدس وكانوا يدعونها مدينة يروشالم فخربها وخرب الهيكل وكسر عمد الصفر التي نصبها سليمان في المسجد طول كل عمود منها ثمانية عشر ذراعا وطول رؤسها ثلاثة أذرع وكسر صرح الزجاج وسائر ما كان بها من آثار الدين والملك واحتمل بقية الأواني وما كان وجده من المتاع وسبى الكوهن سارية والحبر منشأ وخدمة الهيكل إلى بابل (قال هروشيوش) وأبقى صدقيا هو محبوسا ببابل إلى أن أطلقه بزداق قائد بهمن ملك الفرس حين غلبوا على بابل فأطلقه ووصله وأقطعه (وقال مؤرخ حماة ووافقه المسعودي) ان بختنصر بعد تخريب القدس هرب منه بعض الملوك بنى إسرائيل إلى مصر وبها فرعون الأعرج وطلبه بختنصر فأجاره فرعون وسار إليه بختنصر فقتله وملك مصر وافتتح من المغرب مدائن وبث فيها دعاته وكان ارمياء نبي بنى إسرائيل من سبط لاوي ويقال اسمه ارمياء بن خلفيا وكان على عهده صدقياهو ووجده بختنصر في محبسهم فأطلقه واحتمله معه في السبى إلى بابل وقيل إنه مات في محبسه ولم يدركه بختنصر وكذلك احتمل معهم دانيال بن حزقيل من أنبيائهم (وقال ابن العميد) وولى جدليا بن أحان على من بقي من ضعفاء اليهود بالقدس ولسبعة أشهر من ولايته قام إسماعيل بن متنيا بن إسماعيل من بيت الملك فقتل جدليا واليهود والكسدانيين الذين معهم ثم هرب إلى مصر وهرب معه ارميا وهرب حبقون إلى الحجاز فمات وكان قيما ولحقهم بمصر وتنبأ ارمياء في مصر وبابل وصور وصيدا وعمون ثمانية وثلاثين سنة ورجمه أهل الحجاز فمات وكان فيما أخبرهم به مسير بختنصر إلى مصر وتخريبه هياكلها وقتله أهلها ولما دخل بختنصر مصر نقل جسده إلى إسكندرية ودفنه بها وقيل دفن بالقدس لوصيته وأما حزقياهو فقتله اليهود في السبى (قال الطبري) وافترقت جالية بنى إسرائيل في نواحي العراق إلى أن ردهم ملوك الفرس إلى القدس فعمروه وبنو مسجده وكان لهم فيه ملك في دولتين متصلتين إلى أن وقع بهم الخراب الثاني والجلوة الكبرى على يد طيطش من ملوك القياصرة كما نذكر بعد ولنذكر هنا ما وقع من الخلاف في نسب بختنصر هذا والى من يرجع من الأمم فقد ذهب قوم إلى أنه من عقب سنجاريف ملك الموصل الذي كان يقاتل بنى إسرائيل والسامرة بالقدس (قال هشام بن محمد الكلبي فيما نقل الطبري) هو بختنصر بن نبوزراذون بن سنجاريف ثم نسب سنجاريف إلى نمروذ بن كوش بن حام الذي وقع ذكره في التوراة في ولد كوش
(١٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 102 103 104 105 106 107 108 109 111 112 113 ... » »»