كتاب الأصول وكتاب الأركان وهو أبسط ما وضع فيها للمتعلمين وأول ما ترجم من كتاب اليونانيين في الملة أيام أبي جعفر المنصور ونسخه مختلفة باختلاف المترجمين فمنها لحنين بن إسحاق ولثابت بن قرة وليوسف بن الحجاج ويشتمل على خمس عشرة مقالة أربع في السطوح وواحدة في الاقدار المتناسبة وأخرى في نسب السطوح بعضها إلى بعض وثلاث في العدد والعاشرة في المنطقات والقوى على المنطقات ومعناه الجذور وخمس في المجسمات وقد اختصره الناس اختصارات كثيرة كما فعله ابن سينا في تعاليم الشفاء أفرد له جزءا منها اختصه به وكذلك ابن الصلت في كتاب الاقتصار وغيرهم وشرحه آخرون شروحا كثيرة وهو مبدأ العلوم الهندسية باطلاق واعلم أن الهندسة تفيد صاحبها إضاءة في عقله واستقامة في فكره لان براهينها كلها بينة الانتظام جلية الترتيب لا يكاد الغلط يدخل أقيستها لترتيبها وانتظامها فيبعد الفكر بممارستها عن الخطأ وينشأ لصاحبها عقل على ذلك المهيع وقد زعموا أنه كان مكتوبا على باب أفلاطون من لم يكن مهندسا فلا يدخلن منزلنا وكان شيوخنا رحمهم الله يقولون ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصابون للثوب الذي يغسل منه الاقذار وينقيه من الأوضار والأدران وإنما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه. (ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالاشكال الكروية والمخروطات). أما الاشكال الكروية ففيها كتابان من كتب اليونانيين لثاودوسيوس وميلاوش في سطوحها وقطوعها وكتاب ثاودوسيوس مقدم من التعليم على كتاب ميلاوش لتوقف كثير من براهينه عليه ولا بد منهما لمن يريد الخوض في علم الهيئة لان براهينها متوقفة عليه فالكلام في الهيئة كله كلام في الكرات السماوية وما يعرض فيها من القطوع والدوائر بأسباب الحركات كما نذكره فقد يتوقف على احكام الاشكال الكروية سطوحها وقطوعها وأما المخروطات فهو من فروع الهندسة أيضا وهو علم ينظر فيما يقع في الأجسام المخروطة من الاشكال والقطوع ويبرهن على ما يعرض لذلك من العوارض ببراهين هندسية متوقفة على التعليم الأول وفائدتها تظهر في الصنائع العملية التي موادها الأجسام مثل النجارة والبناء وكيف تصنع التماثيل الغريبة والهياكل النادرة وكيف يتحيل على جر الاثقال ونقل الهياكل
(٤٨٦)