تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٤٨٨
الواحد بتعداد الميول له وأمثال ذلك و إدراك الموجود من الحركات وكيفياتها وأجناسها إنما هو بالرصد فانا إنما علمنا حركة الاقبال والادبار به وكذا تركيب الأفلاك في طبقاتها وكذا الرجوع والاستقامة وأمثال ذلك وكان اليونانيون يعتنون بالرصد كثيرا ويتخذون له الآلات التي توضع ليرصد بها حركة الكوكب المعين وكانت تسمى عندهم ذات الحلق وصناعة عملها والبراهين عليه في مطابقة حركتها بحركة الفلك منقول بأيدي الناس وأما في الاسلام فلم تقع به عناية إلا في القليل وكان في أيام المأمون شئ منه وصنع الآلة المعروفة للرصد المسماة ذات الحلق وشرع في ذلك فلم يتم ولما مات ذهب رسمه وأغفل واعتمد من بعده على الارصاد القديمة وليست بمغنية لاختلاف الحركات باتصال الأحقاب وأن مطابقة حركة الآلة للرصد بحركة الأفلاك والكواكب إنما هو بالتقريب وهذه الهيئة صناعة شريفة وليست على ما يفهم في المشهور أنها تعطي صورة السماوات وترتيب الأفلاك والكواكب بالحقيقة بل إنما تعطي أن هذه الصور والهيئات للأفلاك لزمت عن هذه الحركات وأنت تعلم أنه لا يبعد أن يكون الشئ الواحد لازما لمختلفين وإن قلنا إن الحركات لازمة فهو استدلال باللازم. على وجود الملزوم ولا يعطي الحقيقة بوجه على أنه علم جليل وهو أحد أركان التعاليم ومن أحسن التآليف فيه كتاب المجسطي منسوب لبطليموس وليس من ملوك اليونان الذين أسماؤهم بطليموس على ما حققه شراح الكتاب وقد اختصره الأئمة من حكماء الاسلام كما فعله ابن سينا وأدرجه في تعاليم الشفاء ولخصه ابن رشد أيضا من حكماء الأندلس وابن السمح وابن الصلت في كتاب الاقتصار ولابن الفرغاني هيئة ملخصة قربها وحذف براهينها الهندسية والله علم الانسان ما لم يعلم سبحانه لا إله إلا هو رب العالمين. (ومن فروعه علم الأزياج). وهي صناعة حسابية على قوانين عددية فيما يخص كل كوكب من طريق حركته وما أدى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطئ واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لاي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة ولهذه الصناعة قوانين كالمقدمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيام
(٤٨٨)
مفاتيح البحث: الموت (1)، الحلق (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 483 484 485 486 487 488 489 490 491 492 493 ... » »»