تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٤٨٥
وإنكار من بعض الورثة فتحتاج في ذلك كله إلى عمل يعين به سهام الفريضة من كم تصح وسهام الورثة من كل بطن مصححا حتى تكون حظوظ الوارثين من المال على نسبة سهامهم من جملة سهام الفريضة فيدخلها من صناعة الحساب جزء كبير من صحيحه وكسره وجذره ومعلومه ومجهوله وترتب على ترتيب أبواب الفرائض الفقهية ومسائلها فتشتمل حينئذ هذه الصناعة على جزء من الفقه وهو أحكام الوراثة من الفروض والعول والاقرار والانكار والوصايا والتدبير وغير ذلك من مسائلها وعلى جزء من الحساب وهو تصحيح السهمان باعتبار الحكم الفقهي وهي من أجل العلوم وقد يورد أهلها أحاديث نبوية تشهد بفضلها مثل الفرائض ثلث العلم وأنها أول ما يرفع من العلوم وغير ذلك وعندي أن ظواهر تلك الأحاديث كلها إنما هي في الفرائض العينية كما تقدم لا فرائض الوراثات فإنها أقل من أن تكون في كميتها ثلث العلم وأما الفرائض العينية فكثيرة وقد ألف الناس في هذا الفن قديما وحديثا وأوعبوا ومن أحسن التآليف فيه على مذهب مالك رحمه الله كتاب ابن ثابت ومختصر القاضي أبي القاسم الحوفي وكتاب ابن المنمر والجعدي والصردي وغيرهم لكن الفضل للحوفي فكتابه مقدم على جميعها وقد شرحه من شيوخنا أبو عبد الله سليمان الشطي كبير مشيخة فاس فأوضح وأوعب ولامام الحرمين فيها تآليف على مذهب الشافعي تشهد باتساع باعه في العلوم ورسوخ قدمه وكذا للحنفية والحنابلة ومقامات الناس في العلوم مختلفة والله يهدي من يشاء بمنه وكرمه لا رب سواه الفصل الخامس عشر في العلوم الهندسية هذا العلم هو النظر في المقادير إما المتصلة كالخط والسطح والجسم وإما المنفصلة كالاعداد وفيما يعرض لها من العوارض الذاتية مثل أن كل مثلث فزواياه مثل قائمتين ومثل أن كل خطين متوازيين لا يلتقيان في وجه ولو خرجا إلى غير نهاية ومثل أن كل خطين متقاطعين فالزاويتان المتقابلتان منهما متساويتان ومثل أن الأربعة مقادير المتناسبة ضرب الأول منها في الثالث كضرب الثاني في الرابع وأمثال ذلك والكتاب المترجم لليونانيين في هذه الصناعة كتاب أوقليدس ويسمى
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»