تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٣٣٨
ليزدجرد وبعدها إلى برج العقرب حيث كان قران الملة سنة ثلاث وخمسين قال والذي في الحوت هو أول الانتقال والذي في العقرب يستخرج منه دلائل الملة قال وتحويل السنة الأولى من القران الأول في المثلثات المائية في ثاني رجب سنة ثمان وستين وثمانمائة ولم يستوف الكلام على ذلك. وأما مستند المنجمين في دولة على الخصوص فمن القران الأوسط وهيئة الفلك عند وقوعه لان له دلالة عندهم على حدوث الدولة وجهاتها من العمران والقائمين بها من الأمم وعدد ملوكهم وأسمائهم وأعمارهم ونحلهم وأديانهم وعوائدهم وحروبهم كما ذكر أبو معشر في كتابه في القرانات وقد توجد هذه الدلالة من القران الأصغر إذا كان الأوسط دالا عليه فمن هذا يوجد الكلام في الدول وقد كان يعقوب ابن إسحاق الكندي منجم الرشيد والمأمون وضع في القرانات الكائنة في الملة كتابا سماه الشيعة بالجفر باسم كتابهم المنسوب إلى جعفر الصادق وذكر فيه فيما يقال حدثان دولة بني العباس وأنها نهايته وأشار إلى انقراضها والحادثة على بغداد أنها تقع في انتصاف المائة السابعة وأنه بانقراضها يكون انقراض الملة ولم نقف على شئ من خبر هذا الكتاب ولا رأينا من وقف عليه ولعله غرق في كتبهم التي طرحها هلاكو ملك التتر في دجلة عند استيلائهم على بغداد وقتل المستعصم آخر الخلفاء وقد وقع بالمغرب جزء منسوب إلى هذا الكتاب يسمونه الجفر الصغير والظاهر أنه وضع لبني عبد المؤمن لذكر الأولين من ملوك الموحدين فيه على التفصيل ومطابقة من تقدم عن ذلك من حدثانه وكذب ما بعده وكان في دولة بني العباس من بعد الكندي منجمون وكتب في الحدثان وانظر ما نقله الطبري في أخبار المهدي عن أبي بديل من أصحاب صنائع الدولة قال بعث إلي الربيع والحسن في غزاتهما مع الرشيد أيام أبيه فجئتهما جوف الليل فإذا عندهما كتاب من كتب الدولة يعني الحدثان وإذا مدة المهدي فيه عشر سنين فقلت هذا الكتاب لا يخفى على المهدي وقد مضى من دولته ما مضى فإذا وقف عليه كنتم قد نعيتم إليه نفسه قالا فما الحيلة فاستدعيت عنبسة الوراق مولى آل بديل وقلت له انسخ هذه الورقة واكتب مكان عشر أربعين ففعل فوالله لولا أني رأيت العشرة في تلك الورقة والأربعين في هذه ما كنت أشك أنها هي ثم كتب الناس من بعد ذلك في حدثان الدول منظوما ومنثورا ورجزا ما شاء الله أن يكتبوه
(٣٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 343 ... » »»