تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٣٢٤
كلامهم وحاصل مذهبهم فيه على ما ذكر ابن أبي واصل أن النبوة بها ظهر الحق والهدى بعد الضلال والعمى وأنها تعقبها الخلافة ثم يعقب الخلافة الملك ثم يعود تجبرا وتكبرا وباطلا قالوا ولما كان في المعهود من سنة الله رجوع الأمور إلى ما كانت وجب أن يحيا أمر النبوة والحق بالولاية ثم بخلافتها ثم يعقبها الدجل مكان الملك والتسلط ثم يعود الكفر بحاله يشيرون بهذا لما وقع من شأن النبوءة والخلافة بعدها والملك بعد الخلافة هذه ثلاث مراتب وكذلك الولاية التي هي لهذا الفاطمي والدجل بعدها كناية عن خروج الدجال على أثره والكفر من بعد ذلك فهي ثلاث مراتب على نسبة الثلاث المراتب الأولى قالوا ولما كان أمر الخلافة لقريش حكما شرعيا بالاجماع الذي لا يوهنه إنكار من لم يزاول علمه وجب أن تكون الإمامة فيمن هو أخص من قريش بالنبي صلى الله عليه وسلم إما ظاهرا كبني عبد المطلب وإما باطنا ممن كان من حقيقة الآل والآل من إذا حضر لم يلقب من هو آله وابن العربي الحاتمي سماه في كتابه عنقاء مغرب من تأليفه خاتم الأولياء وكنى عنه بلبنة الفضة إشارة إلى حديث البخاري في باب خاتم النبيين قال صلى الله عليه وسلم مثلي فيمن قبلي من الأنبياء كمثل رجل ابتنى بيتا وأكمله حتى إذا لم يبق منه إلا موضع لبنة فأنا تلك اللبنة فيفسرون خاتم النبيين باللبنة حتى أكملت البنيان ومعناه النبي الذي حصلت له النبوءة الكاملة ويمثلون الولاية في تفاوت مراتبها بالنبوءة ويجعلون صاحب الكمال فيها خاتم الأولياء أي حائز الرتبة التي هي خاتمة الولاية كما كان خاتم الأنبياء حائزا للمرتبة التي هي خاتمة النبوءة فكنى الشارح عن تلك المرتبة الخاتمة بلبنة البيت في الحديث المذكور وهما على نسبة واحدة فيهما فهي لبنة واحدة في التمثيل ففي النبوءة لبنة ذهب وفي الولاية لبنة فضة للتفاوت بين الرتبتين كما بين الذهب والفضة فيجعلون لبنة الذهب كناية عن النبي صلى الله عليه وسلم ولبنة الفضة كناية عن هذا الولي الفاطمي المنتظر وذلك خاتم الأنبياء وهذا خاتم الأولياء وقال ابن العربي فيما نقل ابن أبي واصل عنه وهذا الامام المنتظر هو من أهل البيت من ولد فاطمة وظهوره يكون من بعد مضي خ ف ج من الهجرة ورسم حروفا ثلثة يريد عددها بحساب الجمل وهو الخاء المعجمة بواحدة من
(٣٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 319 320 321 322 323 324 325 326 327 328 329 ... » »»