تاريخ ابن خلدون - ابن خلدون - ج ١ - الصفحة ٢٣٢
خروجهم فبنوا المسجد وأقاموا أمر دينهم على الرسم الأول للكهنة فقط والملك للفرس ثم غلب الإسكندر وبنو يونان على الفرس وصار اليهود في ملكتهم ثم فشل أمر اليونانيين فاعتز اليهود عليهم بالعصبية الطبيعية ودفعوهم عن الاستيلاء عليهم وقام بملكهم الكهنة الذين كانوا فيهم من بني حشمناي وقاتلوا يونان حتى انقرض أمرهم وغلبهم الروم فصاروا تحت أمرهم ثم رجعوا إلى بيت المقدس وفيها بنو هيرودس أصهار بني حشمناي وبقيت دولتهم فحاصروهم مدة ثم افتتحوها عنوة وأفحشوا في القتل والهدم والتحريق وخربوا بيت المقدس وأجلوهم عنها إلى رومة وما وراءها وهو الخراب الثاني للمسجد ويسميه اليهود بالجلوة الكبرى فلم يقم لهم بعدها ملك لفقدان العصبية منهم وبقوا بعد ذلك في ملكة الروم من بعدهم يقيم لهم أمر دينهم الرئيس عليهم المسمى بالكوهن * ثم جاء المسيح صلوات الله وسلامه عليه بما جاءهم به من الدين والنسخ لبعض أحكام التوراة وظهرت على يديه الخوارق العجيبة من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى واجتمع عليه كثير من الناس وآمنوا به وأكثرهم الحواريون من أصحابه وكانوا اثني عشر وبعث منهم رسلا إلى الآفاق داعين إلى ملته وذلك أيام أوغسطس أول ملوك القياصرة وفي مدة هيرودس ملك اليهود الذي انتزع الملك من بني حشمناي أصهاره فحسده اليهود وكذبوه وكاتب هيرودس ملكهم ملك القياصرة أوغسطس يغريه به فأذن لهم في قتله ووقع ما تلاه القرآن من أمره وافترق الحواريون شيعا ودخل أكثرهم بلاد الروم داعين إلى دين النصرانية وكان بطرس كبيرهم فنزل برومة دار ملك القياصرة ثم كتبوا الإنجيل الذي أنزل على عيسى صلوات الله عليه في نسخ أربع على اختلاف رواياتهم فكتب متى إنجيله في بيت المقدس بالعبرانية ونقله يوحنا بن زبدي منهم إلى اللسان اللاتيني وكتب لوقا منهم إنجيله باللاتيني إلى بعض أكابر الروم وكتب يوحنا بن زبدي منهم إنجيله برومة وكتب بطرس إنجيله باللاتيني ونسبه إلى مرقاص تلميذه واختلفت هذه النسخ الأربع من الإنجيل مع أنها ليست كلها وحيا صرفا بل مشوبة بكلام عيسى عليه السلام وبكلام الحواريين وكلها مواعظ وقصص والاحكام فيها قليلة جدا واجتمع الحواريون الرسل لذلك العهد برومة
(٢٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 ... » »»