يخشى من خوض السيل لقوته فعلمت حاله فأتيت إليه وحملته وخضت به السيل إلى عند إبله فلما وضعته عند إبله نظر إلى وقال لي بالعربية بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك بارك الله في عمرك فتركته ومضيت إلى سبيلي إلى أن دخلنا مكة وقضينا ما كنا أتينا له من أمر التجارة وعدنا إلى الوطن فلما تطاولت المدة على ذلك كنا جلوسا في فناء ضيعتنا هذه وكانت ليلة البدر فنظرنا إليه وقد انشق نصفين فغرب نصف في المشرق والنصف الآخر من المغرب وسارا إلى أن التقيا في وسط السماء كما كان أول مرة فعجبنا من ذلك غاية العجب ولم نعرف لذلك سببا وسألنا الركبان عن خبر ذلك فأخبرونا أن رجلا هاشميا ظهر بمكة وادعى أنه رسول الله تعالى إلى كافة الخلق وأن أهل مكة سألوه معجزة كمعجزة سائر الأنبياء وأنهم اقترحوا عليه أن يأمر القمر فينشق في السماء ويغرب نصفه في الغرب ونصفه في الشرق ثم يعود إلى ما كان عليه ففعل ذلك بقدرة الله تعالى فلما سمعنا ذلك من السفار اشتقت إلى أن أراه فتجهزت في تجارة وسافرت إلى أن دخلت مكة وسألت عن الرجل الموصوف فدلوني عليه فأتيت إلى منزله واستأذنت عليه فأذن لي فدخلت عليه فوجدته جالسا في صدر المنزل والأنوار تتلألأ في وجهه وقد استنارت محاسنه وتغيرت صفاته التي كنت أعهدها في السفرة الأولى فلم أعرفه فلما سلمت عليه رد علي السلام وتبسم في وجهي وقال ادن مني وكان بين يديه طبق فيه رطب وحوله جماعة من أصحابه كالنجوم يعظمونه ويبجلونه فقال كل من هذا الرطب فجلست وأكلت معه من الرطب وناولني بيده المباركة ست رطبات من سوى ما أكلت بيدي ثم نظر إلي وتبسم وقال لي ألم تعرفني فقلت كأني غير أني ما أتحقق فقال ألم تحملني في عام كذا وجاوزت بي السيل حين حال السيل بيني وبين إبلي قال فعند ذلك عرفتح بالعلامة وقلت بلى والله يا صبيح الوجه فقال امدد إلى يدك فمددت يدي اليمنى فصافحني وقال لي قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقلت كذلك كما علمني فسر بذلك وقال لي عند خروجي من عنده بارك الله في عمرك
(٤١١)