* وإذا أرهق الزمان بنيه * وغدا الخطب وهو صعب عسير * * فبغازي بن يوسف الملك الظاهر * من جور صرفه أستجير * وقال أيضا * ماء الجمال بوجهه مذ أشرقا * كم ناظر بدموعه قد أشرفا * * رشأ يفوق عن قسى جواجب * نبلا بغير مقاتلي لا يتقي * * ثمل المعاطف لم يزر قباؤه * إلا على مثل القضيب وأرشقا * * أنا من تمادي هجره في مأتم * فاعجب لخدي بالدموع تخلقا * * كالبدر يسري في نجوم قلائد * متبلجا من فوق غصن في نقا * * لم يكف ضعف الخصر عن أردافه * حتى اغتدى بعيوننا متمنطقا * * أجرى على عاداته دمعي ولو * كشف الظلامة رد ذاك المطلقا * * ورأى دليل جنون قلبي أنه * بسلاسل الأصداغ أضحى موثقا * * جعل الغرام قرى ملاحته فكم * ثار أثار وكم دم قد أهرقا * * عبثت ثناياه بخمر رضابه * حتى صفا في كأس فيه مروقا * * وبدت لنا آيات حسن لم يقم * برهانها إلا وكنت مصدقا * * فبلحظه وبوجنتيه وثغره * راح سكرت بنشرها مستنشقا * * كتب العذار على صحيفة خده * بالمسك في الكافور سطرا ملحقا * * أمعنف العشاق وهو من الهوى * خالي الحشا لا مت حتى تعشقا * * فزها بنفسجه الجني وقد غدا * بالورد في روض الملاحة محدقا * * إني لأظمأ ما أكون إذا جرى * ماء الحياة بوجهه وترقرقا * * قمر سقيم الطرف عقرب صدغه * يثني عزائمنا ويهزأ بالرقي * * يا مثريا من حسنه عطفا على * قلب يبيت من التصبر مملقا * * ها قد رأيت خضوع سائل أدمعي * أفكان عارا أن ترى متصدقا * * سل عن سوى جلدي فإني لم أدع * تعليله حتى قضي فلك البقا * * ما بات قلبي للصبابة ممسكا * حتى غدا جفني لدمعي منفقا * * سكن الضنى جسمي سكون مقيد * ومشي الغرام إلى فؤادي مطلقا * * ففداك قلب قد ملكت قياده * لم يرج من رق الصبابة معتقا * * لو كان قلبك مثل عطفك لينا * لرثي ورق لفيض دمع مارقا *
(٤٠١)