عليه وحبسه بحمص ثم أفرج عنه بشفاعة الخليفة فتوجه إلى الخليفة فلم يؤذن له في الدخول إلى بغداد فطلب وديعته فلم تحصل له فرد إلى دمشق ثم سافر إلى بغداد لأجل الوديعة فنزل بمشهد الحسين بكربلا وسير قصيدة إلى الخليفة يمدحه ويسأله في رد الوديعة ويتلطف فلم يرد عليه جواب فحج وأتى المدينة وقام بين يدي الحجرة النبوية وأنشد قصيدته التي أولها * إليك امتطينا اليعملات رواسما * يجبن الفلا ما بين رضوى ويذبل * ثم أحضر شيخ الحرم والخدام ووقف بين يدي الضريح مستمسكا بسجف الحجرة وقال اشهدوا أن هذا مقامي من رسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخلت عليه مستشفعا به إلى ابن عمه أمير المؤمنين في رد وديعتي فأعظم الناس هذا وبكوا وكتبوا بصورة ما جرى إلى الخليفة ولما كان الركب في الطريق خرج عليهم أحمد بن حجي بن يزيد من آل مري فوقع القتال وكادوا يظفرون بأمير الحاج فشق الناصر الصفوف وكلم أحمد بن حجي وكان أبوه صاحبه فترك الركب ونزل الناصر بالحلة فقرر له راتب يسير ولم ينل مقصودا فجاء إلى قرقيسيا ومنها إلى تيه بني إسرائيل وانضم إليه عربان فخاف المغيث منه وراسله وخدعه إلى أن قبض عليه وعلى من معه وحبسه بطور هارون فبقي ثلاثة أيام واتفق أن المستعصم دهمه أمر التتار فكتب إلى صاحب الشام يستمده ويطلب منه جيشا يكون مقدمه الناصر داود فطلبه من المغيث فأخرجه وقدم إلى دمشق ونزل بقرية البويضا قرب البلد وأخذ يتجهز للمسير فجاءت الأخبار بما جرى على بغداد من التتار وعرض طاعون بالشام عقيب واقعة التتار فطعن الناصر في جنبه وتوفي ليلة الثامن والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة وركب السلطان إلى البويضا وأظهر التأسف عليه وقال هذا كبيرنا وشيخنا ثم حمل إلى تربة والده بسفح قاسيون
(٣٩٤)