وقوله في الثاني هو الطيار أرباب صنعة الكيمياء يرمزون الزئبق بالطيار والفرار والآبق وما أشبه ذلك لأنه يناسب صفته وأما برده فظاهر ولإفراط برده ثقل جرمه وكله نار لسرعة حركته وتشكيله في افتراقه والتئامه وعلى كل حال ففي ذلك تسامح يجوز في مثل هذه الأشياء الباطلة إذا نزلت على الحقائق وقد ذكر ابن شرف القيرواني في كتاب أبكار الأفكار عن رجل يعرف بأبي علي التونسي أنه وضع ألغازا من هذه المادة التي لا حقيقة لها وأنشده إياها فيجب عنها على الفور وينزلها على الحقائق من ذلك أنه وضع لغزا وهو * ما طائر في الأرض منقاره * وجسمه في الأفق الأعلى * * ما زال مشغولا به غيره * ولا يرى أن له شغلا * فقال للوقت والساعة هو الشمس وأخذ يتكلم على شرح ذلك وذكر عدة ألغاز صنعها له وهو ينزلها على حقائق ويذكر لها مناسبات لائقة بذلك وسرد جميع ذلك في أبكار الأفكار والله أعلم 138 أبو عبد الله بن ممويه الحسين بن علي بن محمد بن ممويه أبو عبد الله المعروف بابن قم ولد بزبيد وكتب رسالته المشهورة عنه إلى أبي حمير سبأ بن أبي السعود أحمد بن المظفر بن علي الصليحي اليماني بعد انفصاله عنه رواها الحافظ أبو طاهر السلفي عنه سنة اثنتين وستين وخمسمائة والرسالة المذكورة كتب عبد حضرة السلطان الأجل مولاي ربيع المجدبين وقريع المتأدبين جلاء الملتبس وذكاء المقتبس شهاب المجد الثاقب ونقيب ذوي المناقب أطال الله بقاءه وأدام علوه وارتقاءه ما أجابت العادية المستغير ولزمت الياء التصغير وجعل رتبته في الأولية وافرة السهام كحرف الاستفهام وكالمبتدأ لأنه وإن تأخر في البنية فإن مقدم في النية ولا زالت حضرته للوفود مزدحما ومن الحوادث حمى حتى يكون في العلا بمنزلة حروف الاستعلا فإنهن لحروف اللين حصون وما جاورهن عن الإمالة مصون ولا زال عدوه كالألف في أن حالها
(٣٦٢)