حتى قدم دمشق ودخل بأبهة السلطنة في أواخر رمضان ونزل القلعة وأنفق الأموال وأحبه الناس ثم سار إلى مصر بعد عيد الأضحى فاتفق كسرة الإفرنج خذلهم الله تعالى عند قدومه ففرح الناس وتيمنوا بوجهه لكن بدت منه أمور نفرت الناس عنه منها أنه كان فيه خفة وطيش وكان والده الصالح يقول ولدي ما يصلح للملك وألح عليه يوما الأمير حسام الدين بن أبي علي وطلب إحضاره من حصن كيفا فقال أجيبه لكم حتى تقتلوه فكان الأمر كما قال أبوه وقال سعد الدين بن حيمويه لما قدم المعظم طال لسان كل من كان خاملا في أيام أبيه ووجدوه مختل العقل سئ التدبير دفع خبز فخر الدين شيخ الشيوخ بحواصله إلى جوهر الخادم وانتظر الأمراء أن يعطيهم كما أعطى أمراء دمشق فلم يكن لذلك أثر وكان لا يزال يحرك كتفه الأيمن مع نصف وجهه وكثيرا ما يولع بلحيته ومتى سكر ضرب الشمع بالسيف وقال هكذا أفعل بمماليك أبي ويتهدد الأمراء بالقتل فشوش قلوب الجميع ومقتوه وصادف بخله قال سبط ابن الجوزي بلغني أنه كان يكون على السماط بدمشق فإذا سمع فقيها يقول مسألة يقول لا نسلم ويصيح بها ومنها أنه احتجب عن أمر النسا وانهمك على اللذات والفساد مع الغلمان على ما قيل ويقال إنه تعرض لحظايا أبيه ومنها أنه قدم الأرذال وأخر خواص أبيه وكان قد وعد الفارس أقطاي لما جاء إليه إلى حصن كيفا أن يؤمره فما وفى له فغضب وكانت شجرة الدر زوجة أبيه قد ذهبت من المنصورة إلى القاهرة فجاء هو إلى المنصورة وأرسل إليها يتهددها ويطالبها بالأموال فعاملت عليه فملا كان اليوم السابع من المحرم سنة ثمان وأربعين وستمائة ضربه بعض البحرية وهو على السماط فتلقى الضربة بيده فذهبت بعض أصابعه فقام ودخل البرج الخشب الذي هناك وصاح من جرحني فقالوا بعض الحشيشة قال لا والله إلا البحرية والله لأفنينهم وخاط المزين جرحه وهو يتهددهم فقالوا تمموه وإلا أبادنا فدخلوا عليه فهرب إلى أعلى البرج فرموا النار في البرج ورموه بالنشاب فرمى بنفسه وهرب إلى النيل وهو يقول ما أريد ملكا دعوني أرجع
(٢٧٢)