ونصر الله السلطان عليهم وتسلمها يوم الأحد ثامن عشرة عنوة وأسر من فيها بعد القتل ورحل عنها إلى صيدا وتسلمها في غد يوم نزوله وهو يوم الأربعاء عشرون يوما من جمادى الأولى وسار إلى بيروت ونازلها يوم الخميس تاسع عشرين جمادى الأولى وزحف عليها وتسلمها وتسلم أصحابه جبيل ولما فرغ من هذا الجانب رأى قصد عسقلان ولم ير الاشتغال بصور بعد أن نزل عليها فأتى عسقلان ونزل عليها يوم الأحد سادس عشر جمادى الآخرة وسلم في طريقه إليها مواضع كثيرة كالرملة والداروم وقاتل عسقلان قتالا عظيما ونصب عليها المناجيق وتسلمها يوم السبت سلخ جمادى الآخرة وأقام عليها إلى أن تسلم أصحابه غزة وبيت جبريل والنطرون بغير قتال ثم إنه طلب القدس الشريف ونزل عليه يوم الأحد خامس عشر شهر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة ونزل بالجانب الغربي وقيل إن الذي كان في القدس من المقاتلة يزيدون على ستين ألفا خارجا عن النساء والصبيان ثم انتقل إلى الجانب الشمالي ونصب المناجيق وضايق البلد وأخذ النقب في السور مما يلي وادي جهنم فأخذ أهل القدس في الأمان وتسلمه يوم الجمعة سابع عشر رجب سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة ليلة المعراج وكان فتحا عظيما شهده جماعة من أهل العلم ومن أرباب الخرق والزهد وعالم كثير وصلى الجمعة فيه يوم فتحه وكان الصلح وقع على أن أهل القدس يزنون عن كل رجل عشرين دينارا وعن كل امرأة خمسة دنانير صورية وعن كل صغير ذكر أو أنثى دينارا واحدا فمن أحضر قطيعته نجى بنفسه وإلا أخذ أسيرا وأفرج عن من كان بالقدس من الأسارى وكانوا خلقا عظيما وأقام يجمع الأموال ويفرقها على الأمراء والفقراء والفقهاء والعلماء والزهاد والوافدين عليه وكان ذلك يقارب مائتي ألف وعشرين ألف دينار ولم يرحل عن القدس ومعه من المال شيء ورحل عن القدس يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان وأتى عكا ونظر في أمورها وتوجه إلى صور ونزل قريبا منها وسير لإحضار آلات الحصار فلما تكاملت عنده نزل عليها في ثاني عشر شهر رمضان وقاتلها وضايقها عظيما واستدعى أسطول مصر وقاتلها في البر والبحر وخرج أسطول صور على أسطول مصر في الليل وأخذوا المقدم والرايس وخمس قطع للمسلمين وقتلوا خلقا كثيرا في سابع عشرين الشهر فضاق صدر السلطان وكانت الأمطار قد توالت فرحل عن صور طلبا لراحة العساكر وحمل من آلات الحصار ما أمكنت وحرقوا ما عجزوا عن حمله للوحل وكان رحيلها يوم الأحد ثاني ذي القعدة وتفرقت العساكر وأقام هو وجماعة من خواصه بعكا إلى أن دخلت سنة أربع وثمانين وخمس مائة وكان لما نزل على صور قد سير من حاصر هونين فسلمت في الثالث والعشرين من شوال سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة ثم إن السلطان نزل على كوكب في أوائل المحرم سنة أربع وثمانين ولم يكن معه من العسكر إلا
(٥٥)