الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ٥٢
بلغه هذا رجع عن قصدك واشتغل بما هو الأهم عنده والأيام تتدرج والله * (كل يوم هو في شأن) * الرحمن 55 / 29 فكان الأمر كما قال نجم الدين ولم يقصده نور الدين بعد ذلك وتوفي نور الدين رحمه الله بعدما سير إليه موفق الدين خالد بن القيسراني يطالبه بالمال والحساب على ما تقدم في ترجمته وكان قد بلغ السلطان صلاح الدين أن في اليمن إنسانا اسمه عبد النبي قد استولى عليها وملك حصونها فجهز إليه أخاه توارن شاه فقتله وأخذ البلاد منه ثم إن صلاح الدين علم أن الصالح إسماعيل بن نور الدين الشهيد لا يستقل بالأمر بعد والده فقصد دمشق في جيش كثيف مظهرا أنه يتولى أمر الصالح فدخل دمشق بالتسليم في يوم الثلاثاء سلخ شهر ربيع الأول سنة سبعين وخمس مائة وتسلم قلعتها وكان أول دخوله دار أبيه وهي الدار المعروفة بدار العقيقي وفرح الناس به واجتمعوا إليه وأنفق في ذلك أموالا عظيمة وسار إلى حلب ونازل حمص وأخذ المدينة في جمادى الأولى من السنة وهي الوقعة الأولى وأنفذ سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي صاحب الموصل عسكرا وافرا وقدم عليه أخاه عز الدين مسعود وساروا يريدون لقاء صلاح الدين ليردوه عن البلاد فلما بلغه ذلك رحل عن حلب وعاد إلى حماه ورجع إلى مصر وأخذ قلعتها ووصل مسعود المذكور إلى حلب وأخذ عسكر ابن عمه الصالح ابن نور الدين وخرجوا في جمع عظيم فلما علم بذلك صالح الدين سار إليهم ووافاهم على قرون حماه ثم إنهم اجتهدوا أن يصالحوه فما اتفق بينهم صلح وتلاقوا فانكسروا بين يديه وأسر منهم جماعة ومن عليهم وذلك في تاسع عشر رمضان المعظم من السنة وساء عقيب ذلك ونزل على حلب فصالحوه على أخذ المعرة وكفر طاب وبارين ثم إنه تصاف هو وسيف الدين غازي على تل السلطان وانكسرت ميسرة صلاح الدين ثم انتصر عليهم وفروا بين يديه فلم يتبعهم ونزل خيامهم وفرق اسطبلاتهم ووهب خزائنهم وسار إلى منبج وتسلمها وتوجه إلى عزاز وحصارها في رابع ذي القعدة سنة إحدى وسبعين وخمس مائة وعليها وثب جماعة من الإسماعيلية على صلاح الدين فنجاه الله منهم وظفر بهم وملك عزاز في رابع عشر ذي الحجة ثم سار ونزل حلب في سادس عشر الشهر وأقام عليها مدة ثم رحل عنها وكان قد أخرجوا له ابنة صغيرة لنور الدين سألته عزاز فوهبها لها ثم إن صلاح الدين عاد إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وسبعين وخمس مائة وكان أخوه توران شاه قد وصل من اليمن فاستخلفه بدمشق وتأهب للغزاة وخرج يطلب الساحل حتى وافى الفرنج على الرملة وذلك في أوائل جمادى الأولى سنة ثلاث وسبعين وخمس مائة وكان الكسرة على المسلمين فطلبوا مصر وضلوا في الطريف وتفرق شملهم وأسر الفرنج الفقيه عيسى الهكاري وكان ذلك وهنا عظيما من المسلمين جبره الله تعالى يوم
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»