الوافي بالوفيات - الصفدي - ج ٢٩ - الصفحة ٥٠
وأرسل العاضد خلع الوزارة إلى صلاح الدين وكانت العادة في مثل ذلك ما يذكر وهو عمامة بيضاء تنيسي بطرز ذهب وثوب دبيقي بطرازي ذهب وجبة تحتها سقلاطون بطرازي ذهب وطيلسان دبيقي بطراز ذهب رقيق وعقد جوهر قيمته عشرة آلاف دينار وسيف محلى مجوهر قيمته خمسة آلف دينار وفرس حجر صفراء من مراكب العاضد قيمتها ثمانية آلاف دينار ولم يكن بالديار المصرية اسبق منها وطوق وتخت وسرفسار ذهب مجوهر وفي رقبة الحجر مشدة بيضاء وفي رأسها مائتا حبة جوهر وفي أربع قوائم الفرس أربع عقود جوهر وقصبة ذهب وفي رأسها طلعة مجوهرة وفي رأسها مشدة بيضاء بأعلام ذهب ومع الخلعة عدة بقج وعدة من الخيل وأشياء أخر ومنشور الوزارة ملفوف في ثوب أطلس أبيض وكانت وزارة صلاح الدين في يوم الاثنين الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة أربع وخمس مائة وجلس في دار الوزارة وحضر الأمراء والكبراء ووجوه البلد وأرباب دولة العاضد وعم الناس جميعهم المصريين والشاميين بالهبات والصلات ولما وزر صلاح الدين للعاضد شكر نعمة الله تعالى عليه وتاب عن الخمر وأقلع عن اللهو وأقبل على الجد والاجتهاد وجرى له مع العاضد ما جرى من خلعه وإقامة الدعوة بمصر للعباسيين ولم يزل يشن الغارات على الفرنج بالكرك والشوبك وبلادهما وجعل الناس يهرعون إليه من كل جانب وهو يفيض عليهم سحائب الإنعام إلى أن اشتهر ذكره وبعد صيته ولما استقر أمره بمصر أخذ نور الدين الشهيد حمص من نواب أسد الدين وكان نور الدين يكاتب صلاح الدين بالأمير الإسفهسلار ويكتب علامته في الكتب تعظيما أن يكتب اسمه وكان لا يفرده بكتاب بل يكتب الأمير الإسفهسلار صلاح الدين وكافة الأمراء بالديار المصرية يفعلون كذا هذا قبل موت العاضد والتمس صلاح الدين من نور الدين أن يبعث إليه إخوته فلم يرسلهم وقال أخاف أن يخالف أحد منهم عليك فتفسد البلاد ثم إنه جهزهم إليه فلما تجمع الفرنج وطلبوا المسير إلى مصر فتوجه إليه والده نجم الدين ومعه بقية إخوته وفي ذلك يقول عمارة اليمني من قصيدة (من الكامل) * عجبا لمعجزة أتت في عصره * والدهر ولاد لكل عجيب * * رد الإله به قضية يوسف * نسقا على ضرب من التقريب * * جاءته إخوته ووالده إلى * مصر على التدريج والترتيب * وكان وصولهم إليه سنة خمس وستين وخمس مائة ولما أن توجه صلاح الدين مع
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»