حطين ثم إن صلاح الدين أقام بمصر يلم شعثه وبلغه تخبط الشام فاهتم بالغزاة فوصل رسول قلج أرسلان صاحب الروم يلتمس الصلح ويتضور من الأرمن فعزم على قصد بلاد ابن لاوون وهي بلاد سيس فدخلها وأخذ في طريقه حصنا فسألوه الصلح فصالحهم ورجع عنهم فدخل عليه قلج أرسلان في صلح الشرقيين بأسرهم فأجابه وحلف صلاح الدين في عاشر جمادى الأولى سنة ست وسبعين وخمس مائة ودخل في الصلح قلج أرسلان والمواصلة روجع بعد ذلك إلى دمشق وتوجه منها إلى مصر وتوفي الصالح ابن نور الدين الشهيد واستخلف أمراء حلب وجندها لابن عمه عز الدين مسعود صاحب الموصل فأتى إليها خوفا من سبق صلاح الدين إلى حلب واستولى على الحواصل وتزوج أم الصالح ثم إنه قايض أخاه عماد الدين زنكي من حلب إلى سنجار وخرج من حلب ودخلها عماد الدين زنكي المذكور فجاءه صلاح الدين وحاصره في سادس عشرين المحرم سنة تسع وسبعين وخمس مائة فصالحوه على سنجار والخابور ونصيبين وسروج وما في قلعة حلب من الحواصل والأموال ويأخذ صلاح الدين حلب فوافقهم على ذلك وأعطى الرقة لحسام الدين طمان لكونه دخل في الصلح وكان صلاح الدين قد أخذ سنجار في ثاني شهر رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مائة وأعطاها لابن أخيه تقي الدين عمر ثم إن صلاح الدين صعد إلى قلعة حلب يوم الاثنين سابع عشرين صفر سنة تسع وسبعين وخمس مائة ورتب أمورها ورحل عنها في ثاني عشرين شهر ربيع الآخر وجعل فيها ولده الظاهر غازي وولي القلعة سيف الدين يازكوج الأسدي وجعله يرتب مصالح ولده الظاهر غازي وعاد إلى دمشق وخرج منها لقصد الكرك في ثالث شهر رجب من السنة وسير إلى أخيه العادل أبي بكر ليحضر إليه وكان بمصر فسار إليه بجيش عظيم وحشد الفرنج واجتمعوا وجاؤوا إلى الكرك وخاف صلاح الدين على مصر فسير إليها ابن أخيه تقي الدين عمر ورحل عن الكرك في سادس عشر شعبان من السنة واستصحب العادل معه إلى الشام ودخل دمشق في رابع عشرين شعبان من السنة وأعطاه حلب ودخلها يوم الجمعة ثاني عشرين شهر رمضان وخرج الظاهر ويازكوج ودخلا دمشق وقيل إن العادل أعطاه على دخول حلب ثلاث مائة ألف دينار يستعين بها على الجهاد ثم إنه أعاد العادل إلى مصر والظاهر إلى حلب ثم إنه أعطى العادل حران والرها وميافارقين ثم كانت وقعة حطين المباركة على المسلمين في يوم السبت رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة وسط النهار يوم الجمعة وكان كثيرا ما يقصد لقاء العدو يوم الجمعة عند الصلاة تبركا بدعاء المسلمين والخطيب على المنبر وكان العدو قد اجتمع بمرج صفورية فسار صلاح الدين ونزل على بحيرة طبرية على سطح الجبل لينظر قصد الفرنج فلم يتحركوا فنازل طبرية وأخذها في ساعة واحدة
(٥٣)