مسند أحمد ومن الأجزاء شيء كثير ولقد شاهدت منه أمورا ما أكاد أقضي العجب منها من تدقيق وتحقيق ومشاحة في ألفاظ المصنفين وما ينظر فيه من أقوال الفقهاء وغيرهم والذي أقول فيه إنه أي مسألة أخذها وأراد أن يملي فيها منصنفا فعل ولم أر من اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غيره نعم والعلامة ابن تيمية إلا أن هذا أدق نظرا وأكثر تحقيقا وأقعد بطريق كل فن تكلم فيه وما في أشياخه مثله وكان الأمير سيف الدين الجابي الدوادار لا يكاد يفارقه ويبيت عنده في القلعة ليالي ويقيم أياما ولما توفي قاضي القضاة جلال الدين القزويني بالشام جاء الخبر ونحن بالقاهرة في خدمة الأمير سيف الدين تنكز سنة تسع وثلاثين فطلب السلطان الملك الناصر محمد قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة وطلبه وطلب الشيخ شمس الدين ابن عدلان فلما حضروا قال له يا شيخ تقي الدين قد وليتك قضاء القضاة بالشام وألبس تشريفه وخرج صحبة نائب الشام وكنت في خدمته في الطريق فالتقطت الفوائد وجمعت الفرائد وسهلت بسؤاله ما كان عندي من الغوامض الشدائد ووددت أن النوى لم تلق لها عصا وأن اليعملات في كل هاجرة تنفي يداها الحصى من البسيط * يود أن ظلام الليل دام له * وزيد فيه سواد القلب والبصر * وباشر القضاء بصلف زاد ومشى ما حال عن جادة الحق ولا حاد منزه النفس عن الحطام منقادا إلى الزهد بخطام مقبلا على شأنه في العلم والعمل منصرفا إلى تحصيل السعادة الأبدية فما له في غيرها أمل ناهيك به من قاض حكمه في هذا الأقليم متصرف الأوامر وحديثه في العفة عن الأموال علالة السامر ليس في بابه من يقول لخصم هات ولا من يجمجم الحق أو يموه بالترهاب ومات الأمير سيف الدين تنكز رحمه الله وهو يعظمه ويختار) أكبر الجوهر للثناء عليه وينظمه من البسيط * أثنى عليك بأني لم أخف أحدا * يلحى عليك وماذا يزعم اللاحي * * مهذب تشرق الدنيا بطلعته * عن أبيض مثل نصل السيف وضاح * طلبت منه ذكر شيء من حاله ومولده وتصانيفه لأستعين بذلك على هذه الترجمة فكتب مسموعاته وأشياخه ومصنفاته ولم يكتب شيئا من نظمه فكتبت إليه من السريع * مولاي يا قاضي القضاة الذي * أبوابه من دهرنا حرز * * أفدتني ترجمة لم تزل * بحسن أقمار الدجى تهزو * * لبست منها حلة وشيها * أعوزه من نظمك الطرز *
(١٦٩)