تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٤٠
هذه الطائفة، أرسل عرف السلطان، فبعث يأمره بقتلهم وأخذ ما معهم، وكان شيئا كثيرا.
وكان بعد مملكته مملكة الخطا، وقد سد الطرق من بلاد تركستان وما بعدها من البلاد، لأن طائفة من التتار أيضا كانوا قد خرجوا من قديم الزمان والبلاد للخطا. فلما ملك خوارزم شاه، وكسر الخطا، واستولى على بلادهم، استولى هؤلاء التتار على تركستان، وصاروا يحاربون نواب خوارزم شاه، فلذلك منع الميرة عنهم من الكسوة وغيرها. وقيل غير ذلك.
فلما قتل أولئك التجار، بعث جواسيس يكشفون له جيش جنكزخان، فمضوا وسلكوا المفاوز والجبال، وعادوا بعد مدة، وأخبروا بأنهم يفوقون الإحصاء، وأنهم من أصبر خلق الله على القتال، لا يعرفون هزيمة، ويعملون سلاحهم بأيديهم، فندم خوارزم شاه على قتل تجارهم، وحصل عنده فكر زائد، فأحضر الفقيه شهاب الدين الخيوقي فاستشاره، فقال: اجمع عساكرك ويكون النفير عاما، فإنه يجب على الإسلام ذلك، ثم تسير بالجيوش إلى جانب سيحون، وهو نهر كبير يفصل بين الترك وبلاد ما وراء النهر، فتكون هناك، فإذا وصل إليه العدو وقد سار مسافة بعيدة، لقيناه، ونحن مستريحون، وهم في غاية التعب. فجمع الأمراء واستشارهم، فلم يوافقوه على هذا، بل قالوا: الرأي أن نتركهم يعبرون سيحون إلينا، ويسلكون هذه الجبال والوعر، فإنهم جاهلون بطرق ها، ونحن عارفون بها، فنقوى حينئذ عليهم ويهلكون.
فبينما هم كذلك إذ قدم رسول جنكزخان يتهدد خوارزم شاه ويقول: تقتلون تجاري وتأخذون أموالهم، استعدوا للحرب، فها أنا واصل إليكم بجمع لا قبل لكم به. وكان قد سار وملك كاشغر وبلا ساغون وأزال عنها التتار الأولين، فلم يظهر لهم أثر، ولا بقي لهم خبر، بل أبادهم، فقتل خوارزم شاه الرسول، وأما أصحابه فحلق لحاهم، وردهم إلى جنكزخان يقولون له: إنه سائر إليك. وبادر
(٤٠)
مفاتيح البحث: القتل (5)، المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»