قال: وكانوا على ما قيل سبعين ألفا رحمهم الله، فضعفت نفوس الجند والعامة، وأيقنوا بالهلاك، وطلب الجند الأمان، فأجابوهم، وفتحوا البلد، وخرجوا إلى التتار بأهاليهم وأموالهم، فقال لهم التتار: ادفعوا إلينا سلاحكم وخيلكم وأموالكم، ونحن نسيركم إلى مأمنكم. ففعلوا ذلك، فلما كان رابع يوم نادوا في العوام: ليخرجوا كلهم، ومن تأخر قتل، فخرج الجميع، ففعلوا بهم كما فعلوا بأهل بخارى، نهبوا وسبوا وأحرقوا الجامع، وذلك في المحرم من هذه السنة.
ثم سير جنكزخان عشرين ألف فارس خلف خوارزم شاه، فأتوا جيحون، فعملوا من الخشب مثل الأحواض، وألبسوها جلود البقر لئلا يدخلها الماء، ووضعوا فيها سلاحهم وأمتعتهم، وألقوا الخيل في الماء، وأمسكوا بأذنابها، وتلك الحياض مشدودة إليهم، فكان الفرس يجذب الرجل، والرجل يجذب الحوض، فعبروا كلهم، فلم يشعر خوارزم شاه إلا وقد خالطوه. واختلفت الخطا عليه، كما ذكرنا، وانهزم، وساقوا وراءه إلى أن ركب البحر إلى قلعة له فأيسوا منه، وقصدوا الري وبلاد مازندران فملكوها في أسرع وقت، وصادفوا في الطريق والدة خوارزم شاه ونساءه وخزائنه، وكان قصدها إصبهان، فأخذوها وسيروها برمتها إلى جنكز خان وهو بسمر قند.
ثم دخلوا الري وقتلوا وسبوا، ووصلوا إلى زنجان فبدعوا، ثم عطفوا إلى قزوين فحاصروها وأخذوها بالسيف،