يعرف تعبئة العسكر في المصاف، ولم يتعود أصحابه إلا المهاجمة، وليس لهم زرد ولا دروع، وقتالهم بالنشاب. وكان يقتل بعض القبيلة، ويستخدم باقيها، وفي قلوبهم الضغائن. ولم يكن في شيء من المداراة لا لأصحابه ولا لأعدائه، خرج عليهم هؤلاء التتار وهم بنو أب، بكلمة واحدة، وقلب واحد، ورئيس واحد مطاع، فلم يمكن أن يقف مثل خوارزم شاه بين أيديهم، وورد إلى البلاد منهم ما لم يعهد، والبلاد خالية عن ملك، فلم يبق عند أحد منهم دفاع، وصاروا كالغنم لا تدفع عنها ذابحا. فلما وصل التتر إلى إصبهان لم يرتع أهلها لأنهم معودون بحمل السلاح، فلم يكن عندهم أحقر من هذا العدو. إلى أن قال: والله سبحانه يحب العدل والعمارة ويأمر بهما، وهؤلاء الملاعين يبغضونهما، إذ لا دين لهم ولا عقل، وكل حيوان رديء الخلق ففيه خلق آخر حميد كالكلب والخنزير والذئب والنمر، وهؤلاء فقد جمعوا من كل حيوان رديء خلقه، فاجتمعت) فيهم الرداءات محضة.
قال ابن واصل: بعث جنكزخان جيشا فعبروا جيحون، وتسلموا بلخ بالأمان، وقرروا بها شحنة ولم ينهبوها، ثم قصدوا قلعة الطالقان وهي لا ترام حصانة وارتفاعا، وبها الشجعان فحصروها ستة أشهر وعجزوا عنها، فسار إليها جنكزخان بنفسه، وحصرها ومعه خلائق من المسلمين أسرى، فنازلها أربعة أشهر وقتل عليها خلائق، ثم أمر فجمع له من الأخشاب ما أمكن، وصاروا يعلمون صفا من خشب وصفا من تراب، وما زالوا حتى صار تلا يوازي القلعة، وصعدت الرجال فيه، ونصبوا عليه المجانيق فرمت إلى وسط القلعة، فخرج من بها على حمية وحملوا على التتر، فنجت الخيالة وسلكوا الجبال، وقتلت الرجالة، واستباحت التتر القلعة.
ثم جهز جنكزخان الجيش إلى مرو وبها من المقاتلة نحو مائتي ألف من جند وعرب وتجار، فعسكروا بظاهرها عازمين على لقاء العدو، فالتقوا واقتتلوا قتالا شديدا، ثم انهزم المسلمون وقتل أكثرهم. ثم نازلت التتر مرو وجدوا في