تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٤ - الصفحة ٤٤
وقتل من الفريقين ما لا يحصى، قيل: بلغوا أربعين ألفا.
ثم ساروا إلى أذربيجان فاستباحوها. ثم نازلوا تبريز وبها ابن البهلوان، فصالحهم على مال وتحف، فساروا عنه ليشتوا على ساحل البحر، لأنه قليل البرد وبه المرعى، فوصلوا إلى) موقان، وتطرقوا إلى بلاد الكرج، فبرز لهم من الكرج عشرة آلاف مقاتل، فحاربوهم ثم انهزموا، فتبعهم التتار إلى قرب تفليس وذلك في ذي القعدة من سنة سبع عشرة.
ثم ساروا إلى مراغة، وكان لامرأة، فحاصروها، ثم ملكوها بالسيف، وقتلوا ما لا يحصى، واختفى خلق، فكان التتار يأخذون الأسرى ويقولون: نادوا في الدروب: إن التتار قد رحلوا.
فإذا نادى أولئك خرج من اختفى فيقتلونه حتى قيل إن رجلا من التتار دخل دربا فيه ما يزيد على مائة رجل، فما زال يقتل واحدا واحدا حتى أفناهم، ولا يمد أحد منهم يده إليه بسوء، نعوذ بالله من الخذلان.
ثم رحلوا إلى نحو إربل فاجتمع بعض عسكر العراق وعسكر الموصل مع مظفر الدين، فلما سمعوا باجتماع العساكر تقهقروا ظنا منهم أن العسكر يتبعهم، فلما لم يروا أحدا تبعهم أقاموا.
وأقام العسكر عليه السلام عند دقوقا، ثم عادوا إلى بلادهم إلى همذان وغيرها، وجعلوا لهم بها شحنة، وأرسلوا إليه يأمرونه ليطلب لهم من أهلها أموالا وقماشا، ولم يكن خلوا لهم شيئا، فاجتمع العامة عند الرئيس بهمذان، ومعهم رجل فقيه قد قام في اجتماع الكلمة على الكفار، فقال لهم الرئيس العلوي: كيف الحيلة ونحن نعجز عنهم فما لنا إلا مصانعتهم بالأموال. فقالوا له: أنت أشد علينا من الكفار، وأغلظوا له، فقال: أنا واحد منكم فاصنعوا ما شئتم، فوثبوا على الشحنة فقتلوه، وتحصنوا، فتقدم التتار وحاصروهم، فخرج لحربهم العامة والرئيس والفقيه في أوائلهم، فقتلوا من التتار خلقا، وجرح الفقيه عدة جراحات، وافترقوا، ثم خرجوا من الغد، فاقتتلوا من التتار خلقا، وجرح الفقيه عدة جراحات، وافترقوا، ثم خرجوا من الغد، فاقتتلوا أشد قتال، وقتل من التتر أكثر من اليوم الأول. وأرادوا الخروج في اليوم الثالث فعجز الفقيه عن الركوب من الجراحات، وطلب الناس الرئيس، فإذا به قد هرب في سرب صنعه إلى ظاهر البلد هو وأهله إلى قلعة هناك، فتحصن بها. وبقي الناس حيارى، إلا أنهم اجتمعت كلمتهم على الجهاد إلى أن يموتوا. وكان التتار قد عزموا على الرحيل لكثرة من قتل منهم، فلما لم يروا أحدا خرج لقتالهم طمعوا، واستدلوا على ضعفهم، فقصدوهم وقاتلوهم وذلك في رجب في سنة ثمان عشرة وستمائة. ودخلوا البلد بالسيف، وقاتلهم الناس في الدروب، وبطل السلاح للزحمة، واقتتلوا بالسكاكين، فقتل ما لا يحصى. ثم ألقي في همذان النار فأحرقوها، ورحلوا إلى تبريز وقد فارقها صاحبها أوزبك بن البهلوان، وكان لا يزل منهمكا على الخمور، يبقى الشهر) والشهرين لا يظهر، وإذا سمع هيعة طار، وله جميع
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»