تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٢٢
وبلغني أن قوما أتوه بفيل هدية من بلاد السودان، فوصلهم ولم يقبل الفيل، وقال: لا نريد أن نكون أصحاب الفيل. وقيل بل جرى ذلك لوالده يوسف.) ثم ذكر فصلا فيه طول في كرمه وعدله وخيره، إلى أن قال: فإذا كان عشر ذي الحجة أمر ولاة الزكاة بإحضارها، فيفرقها في الأصناف الثمانية.
حدثني بعض عمالهم أنه فرق في عيد، سنة أربع وتسعين، ثلاثا وسبعين ألف رأس من معز وضأن. ثم ذكر أنه عمل مكتبا كبيرا فيه جماعة عرفاء وغيرهم ويجري عليهم النفقات والكسوة للصبيان فسألت واحدا فقال: نحن عشرة معلمين، والصبيان يزيدون على الألف، وقد ينقصون.
وكان يكسو الفقراء في العام، ويختن أولادهم، ويعطي الصبي دينارا.
قال عبد الواحد: وكان مهتما بأمر البناء، لم يخل وقت من قصر يسجده، أو مدينة يعمرها.
وزاد في مراكش زيادة كبيرة. وأمر أن تميز اليهود بلباس ثياب كحلية وأكمام مفرطة في الطول والسعة، تصل إلى قريب أقدامه، وبدلا من العمائم كلوتات على أشنع صور، كأنها البراذع، تبلغ إلى تحت آذانهم وشاع هذا الزي فيهم. وبقوا إلى أن توسلوا إلى ابنه بعده بكل وسيلة وشفاعة، فأمرهم ابنه بثياب صفر، و عمائم صفر، فهم على ذلك إلى وقتنا، وهو سنة إحدى وعشرين وستمائة.
فائدة ذكر تاج الدين بن حمويه أنه سأل ابن عطية الكاتب، ما بال هذه البلاد، يعني المغرب، ليس فيها أحد من أهل الذمة ولا كنائس ولا بيع فقال: هذه الدولة قامت على رهبة وخشونة. وكان المهدي قد قال لأصحابه: إن هؤلاء الملثمين مبتدعة ومجسمة كفرة يجوز قتلهم وسبيهم بعد أن يعرضوا
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»