تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٢٥
وقال الإمامة أبو شامة: وفيها توفي خليفة المغرب أبو يوسف الذي كسر الفنش. وكان قد قام بالملك بعد أبيه أحسن قيام، ونشر كلمة التوحيد ورفع راية الجهاد، وأمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وأقام الحدود على أقربائه وغيرهم.
وكان سمحا، جوادا، عادلا، مكرما للعملاء، متمسكا بالشرع. يصلي بالناس الصلوات الخمس، ويلبس الصوف، ويقف للمرأة والضعيف. أوصى عند الموت إلى ولده أبي عبد الله، وأن يدفن على قارعة الطريق ليترحم عليه.
توفي في ربيع الأول ومدة ملكه خمسة عشرة سنة.
كتب إليه الملك صلاح الدين يستنجده على الفرنج، ولم يخاطبه في الكتاب بأمير المؤمنين، فلم يجبه إلى ما طلب.
وقال أحمد بن أبي أصيبعة في ترجمه الغزال أنه لازم الحفيد أبا بكر بن زهر حتى برع في الطب وخدم المنصور. وكان المنصور قد أبطل الخمر، وشدد في أن لا يؤتى بشيء منه، أو يكون عند أحد. ثم بعد مدة قال المنصور لأبي جعفر بن الغزال: أريد أن تركب لي ترياقا. فمع حوائجه، فأعوزه الخمر، فأعلم المنصور فقال: تطلبه من كل ناحية فلعل تقع عند أحد. فتطلبها حتى يئس، فقال المنصور: والله ما كان قصدي بعمل الترياق إلا لأعتبر هل بقي عند أحد خمر أم لا.
قلت: وهذا من أحسن التلطف في كشف الأمور الباطنة.
وبلغني أن الأدفنش لما بعث إلى أبي يوسف بتهدده ويطلب منه بعض الحصون، وكانت المكاتبة من إنشاء وزيره ابن الفخار وهي: باسمك اللهم فاطر السماوات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح، روح الله وكلمته الرسول الفصيح، أما بعد، فلا يخفى على ذي ذهن ثاقب،) ولا عقل
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»