تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٢١٩
عن العصر حتى كادت تفوت، فخرج وأوسعهم لوما وقال: ما أرى صلاتكم إلا لنا، وإلا فما منعكم أن تقدموا رجلا فقد قدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن عوف حين دخل وقت الصلاة، وهو عليه السلام غائب، أما لكم أسوة فكان ذلك سببا لقطعه الإمامة.
وكان يقعد للناس عامة لا يحجب عنه أحد، حتى اختصم إليه رجلان في نصف درهم، فقضى بينهما وأمر بضربهما قليلا، وقال: أما كان في البلد حكام قد نصبوا لهذا.
ثم بعد هذا بقي يقعد في أيام مخصوصة. واستعمل على القضاء أبا القاسم بن بقي، فشرط عليه بأن يكون قعوده بحيث يسمع حكمه في جميع القضايا وهو من وراء ستر.
وكان يدخل إليه أمناء الأسواق في الشهر مرتين، فيسألهم عن أسواقهم، وأسعارهم، وحكامهم.) وكان إذا وفد عليه أهل بلد سألهم عن ولاتهم وقضاتهم، فإذا أثنوا خيرا قال: اعلموا بأنكم مسؤولون عن هذه الشهادة يوم القيامة. وربما تلا: يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط.
قال: وبلغني أنه تصدق سنة إحدى وتسعين قبل خروجه إلى الغزوة بأربعين ألف دينار. وكان كلما دخلت السنة أمر أن تكتب له الأيتام والمنقطعون، فيجمعون إلى عند قصره، فيختنون، ويأمر لكل صبي منهم بمثقال، وثوب، ورغيف، ورمانة. هذا كله شهدته.
وبنى بمراكش بيمارستانا ما أظن في الدنيا مثله، أجرى فيه مياها كثيرة، وغرس فيه من جميع الأشجار، وزخرفة، وأمر له من الفرش بما يزيد على الوصف. وأجرى له ثلاثين دينارا كل يوم برسم الأدوية. وكان كل جمعة يعود فيه المرضى ويقول: كيف حالكم كيف القومة عليكم؟.
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»